ومن ناحية أُخرى هبطت معنويات كثير من المسلمين إذا أشاع العدو نبأ قتل رسول اللّه في ساحة القتال وتراجع أغلب المسلمين أثر الضغط العسكري الجديد لجيش المشركين، وتفرّقوا، ولم يصمد إلى جانب الرسول سوى عدد قليل، وتوالت اللحظات الحرجة والمصيرية في تاريخ الإسلام هناك حيث ينجلي دور علي ـ عليه السَّلام ـ الكبير، إذ كان يقارعهم بسيفه بشجاعة وببسالة لا مثيل لها مع رسول اللّه جنباً إلى جنب يحمي الوجود المقدس لقائد الإسلام العظيم من الهجمات المتوالية لكتائب المشركين الهائلة.
وكتب ابن الأثير في تاريخه:
«فلمّا قتلهم أبصر النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ جماعة من المشركين، فقال لعلي: احمل عليهم ففرّقهم وقتّل فيهم، ثمّ أبصر جماعة أُخرى فقال له: احمل عليهم، فحمل عليهم وفرّقهم وقتل فيهم، فقال جبرائيل: يا رسول اللّه هذه المواساة ،فقال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ «إنّه مني وأنا منه » فقال جبرائيل: وأنا منكما، قال فسمعوا صوتاً يقول: لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ علي».(1)
وكتب ابن أبي الحديد أيضاً:
«لمّا فرّ معظم أصحابه عنه يوم أحد كثرت عليه كتائب المشركين، وقصدته ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كتيبة بني كنانة فيها بنوسفيان بن عويف، وهم خالد بن سفيان، وأبو الشعشاء بن سفيان، وأبو الحمراء بن سفيان ، فقال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ :«يا علي اكفني هذه الكتيبة» فحمل عليها وانّها لتقارب خمسين فارساً، وهو ـ عليه السَّلام ـ راجل فمازال يضربها بالسيف حتى
1-الكامل في التاريخ:2/154.