سیرة الأئمة علیهم السلام

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 619/ 558
نمايش فراداده

التنبّؤ بغيبة المهدي ـ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف ـ

وبدا هذا الأمر ملموساً ومشهوداً أكثر في عهد الإمام العسكري، لأنّه ورغم تأكيده على ولادة المهدي ـ عليه السَّلام ـ كان يسمح فقط لشيعته المقرّبين جداً برؤيته.

ومن ناحية أُخرى أصبح الاتّصال به نفسه ـ عليه السَّلام ـ محدوداً أكثر يوماً بعد يوم، لدرجة انّه ـ عليه السَّلام ـ كان يجيب على الأسئلة التي ترد عليه من نفس مدينته سامراء وشيعتها من خلال الرسائل أو الوكلاء.

وبذلك يكون قد عوّدهم على تحمّل الظروف والأوضاع الجديدة وتكاليف عصر الغيبة وطبيعته، وعلى قبول الاتصال الغير مباشر بالإمام، وكما سنلاحظه فانّ هذا الأسلوب هو نفس ذلك الأسلوب الذي اتبعه الإمام الثاني عشر في عصر الغيبة الصغرى بعد ذلك، وأعدّ الشيعة بالتدريج لعصر الغيبة الكبرى.

قد أشرنا بأنّه كان بعض الشيعة المقرّبين يتوفّق في اللقاء بالإمام المهدي، وهنا سنشير على سبيل المثال إلى واحد من تلك اللقاءات.

التنبّؤ بغيبة المهدي ـ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف ـ

قال أحمد بن إسحاق أحد خواص الإمام العسكري وأصحابه المقرّبين الكبار: دخلت على أبي محمد العسكري ـ عليه السَّلام ـ وأنا أُريد أن أسأله عن الخلف بعده فقال لي مبتدئاً:

يا أحمد بن إسحاق إنّ اللّه لم يخل الأرض منذ خلق آدم ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجّة للّه على خلقه، به يدفع البلاء من أهل الأرض، وبه ينزل الغيث، وبه يخرج بركات الأرض».

فقلت: يابن رسول اللّه فمن الإمام والخليفة بعدك؟

فنهض ـ عليه السَّلام ـ مسرعاً فدخل البيت ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه