فخرج ابن عباس يقول: إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول اللّه و بين كتابه. (1)
ولم يكن الهدف وراء طلب الدواة والقلم إلاّ التنويه على فضل العترة والاَمر بالانصياع لها كما يشهد به قوله في تلك الرزية: «لن تضلّوا بعده».
فقد جاء نفس النص في حديث الثقلين حيث قال: «ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا».
إنّ الحيلولة بين النبي والكتابة كان تقدّماً على الرسول، وقد أُمر الموَمنون بعدم التقدّم عليه، قال سبحانه:"يا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَي اللّه وَرَسُوله" . (2)
ولكنّ الواعين من الاَُمّة أدركوا ـ بعد أن قبض النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى الرفيق الاَعلى ـ خطورة الموقف، فاتجهت أنظارهم صوب العترة، ولا سيما علي بن أبي طالب - عليه السّلام - خازن علم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وحافظ السنّة وكاتبها، فالتفوا حوله ونهلوا من رحيق علمه، فأخذوا بتدوين الحديث وتعليمه دون أن يعيروا أهمية للاَبواق الناهية عن كتابة الحديث.
قال السيوطي في «تدريب الراوي»: اختلف السلف من الصحابة والتابعين في كتابة العلم، فكرهها طائفة منهم ... ، وأباحها طائفة وفعلوها، منهم: علي وابنه الحسن - عليهما السلام - . (3)كما و كتب - عليه السّلام - «الجامعة» وهي من إملاء رسول اللّهص وخط علي - عليه السّلام - ، وكانت تبلغ سبعين ذراعاً، وقد تواتر نقلها في أحاديث أئمة أهل البيت - عليهم السلام - . (4)
1 . البخاري: الصحيح: 1| باب كتابة العلم، ص 30. 2 . الحجرات:1. 3 . السيوطي: تدريب الراوي: 2|61 ، ط دار الكتاب العربي، بتلخيص. 4 . أعيان الشيعة:1|290.