عصمة الأنبیاء فی القرآن الکریم

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 309/ 11
نمايش فراداده

ولاَجل ذلك نرى العرب يسمّون الحبل الذي تشد به الرحال: "العصام" ، لاَنّه يمنعها من السقوط والتفرّق.

قال المفيد: إنّ العصمة في أصل اللغة هي ما اعتصم به الاِنسان من الشيء كأنّه امتنع به عن الوقوع في ما يكره، ومنه قولهم: اعتصم به الاِنسان من الشيء كأنّه امتنع به عن الوقوع في ما يكره. ومنه قولهم: "اعتصم فلان بالجبل" إذا امتنع به، ومنه سميت العصم وهي وعول الجبال لامتناعها بها.

والعصمة من الله هي التوفيق الذي يسلم به الاِنسان في ما يكره إذا أتى بالطاعة، وذلك مثل إعطائنا رجلاً غريقاً حبلاً ليتشبث به فيسلم، فهو إذا أمسكه واعتصم به، سمّي ذلك الشيء عصمة له، لما تشبّث به فسلم به من الغرق، ولو لم يعتصم به لم يسم عصمة.(1) وعلى كل تقدير فالمراد من العصمة صيانة الاِنسان من الخطأ والعصيان، بل الصيانة في الفكر والعزم، فالمعصوم المطلق من لا يخطأ في حياته، ولا يعصي الله في عمره ولا يريد العصيان ولا يفكر فيه.

مبدأ ظهور فكرة العصمة في الاَُمّة الاِسلامية

إنّ الكتب الكلامية ـ قديمها وحديثها ـ مليئة بالبحث عن العصمة، وإنّما الكلام في مبدأ ظهور تلك الفكرة بين المسلمين، وانّه من أين نشأ هذا البحث وكيف التفت علماء الكلام إلى هذا الاَصل؟

لا شك انّ علماء اليهود ليسوا بالمبدعين لهذه الفكرة، لاَنّهم ينسبون إلى

1 . أوائل المقالات: 11.