طرحت مسألة الزراعة، ونرى فيها أنّالقرآن الكريم يسهم الزّراع في ظهورالنباتات وتواجدها، ولكنّه يعتبر اسهامهممحدوداً لا يتعدّى عملية بذر البذور،ولهذا يسمح بأن يطلق عليهم صفة الزارع.(1)
ولكن عمل الزارع لا يتجاوز هذا الأمر،أعني: البذر.
غير أنّ هذا العمل وحده غير كاف في مسألةالزراعة ونشوء النباتات والثمار لأنّه:
يسأل أوّلاً: من الذي خلق البذرة؟ و علىقدرة من اعتمدت هذه الحبة بحيث استطاعت أنتتسبب في ظهور مئات الحبات ونشوئها في شكلسنابل؟
لا مناص من أن يكون لهذه الحبة خالقاً غيرالبشر.
ثم يسأل ثانياً: هل يكفي لتربية النباتاتوخروجها مجرد الحرث وبذر البذور، أم أنّمئات العوامل والعلل الخارجية الأُخرى،يجب أن تتضافر وتتفاعل وتتعاضد فيما بينهالتمنع من جفاف النبتة والسنبلة، وهذا شيءخارج عن قدرة البشر.
ترى هل هذا كلّه من صنع اللّه أم من فعلالعوامل المخلوقة للّه؟
وإلى هذه الحقيقة أشار القرآن بقوله:
(لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماًفَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (2) * إِنَّالَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُمَحْرُومُونَ). (3)
1. إلاّ أنّه لا يخلو من العناية والمجازكقوله سبحانه: (يَعْجَبُ الزُّرَاّعَ)(الفتح: 29). 2. تتفكهون أي تتحدثون، وأصله من التفكّه:أخذ الشيء فاكهة واستعير للحديث الذييتحدثون به تفرجاً بتناوله. 3. الواقعة: 65 ـ 67.