والالتفات إلى ما وراء المادة.. وإنّماالخلاف وقع في خصوصيات هذا الاعتقاد وليسفي جوهره وأصله.
وبهذا يتضح أنّ الصراع قام حول التفاصيلوالخصوصيات، وأمّا أصل العقيدة والإيمانبوجود اللّه فقد اتفقت عليه كلمة البشريةعلى مدار التاريخ الإنساني الطويل.
هل وجود اللّه بديهي؟
لقد اعتبر بعض العرفاء «وجود اللّه» فيالعالم أمراً بديهياً، وادّعوا بأنّاستنباط هذه الحقيقة من آيات القرآنوالوقوف عليها استنباط واضح ولا يحتاج إلىالاستدلال عليه والتفكير مطلقاً.
وكأنّ «توماس كارليل» الفيلسوفالانجليزي قد انتزع مقالته التالية من هذاالتصور والاعتقاد إذ قال:
إنّ الذين يريدون إثبات وجود اللّهبالبرهان والدليل ما هم إلاّ كالذي يريدالاستدلال على وجود الشمس الساطعةالوهّاجة بالفانوس.(1)
ولدى مراجعة الآيات القرآنية والأدعيةالواردة عن أهل بيت النبي (عليهم السَّلام)يمكن الوقوف على إشارات جلية إلى هذاالمطلب، ونعني بداهة «وجود اللّه».(2)
1. گلشن راز: 51. 2. ليس المراد من البداهة أن لا يختلف فيهاثنان أو لا يحتاج إلى تذكير مذكر بلللبداهة مراتب بعضها يحتاج إلى تذكير مذكرأو إشارة مشير، وربما يحتاج التصديق بهإلى تخلية النفس من الرواسب والآراءالسابقة، ولأجل ذلك لا مانع من أن يكونوجود اللّه معنى بديهياً وإن اختلف فيهالناس والفلاسفة.