ويستمد من الأخير دائماً، ومعلوم أنّنتيجة هذا الاستمداد هو أن لا يكون موجدالنظام السفلي، مستقلاً في تأثيرهوتدبيره، بل يكون معتمداً على غيره دائماًوأبداً.
ومن البديهي أنّ الموجود المحتاج إلىغيره في التدبير والإيجاد لا يمكنه أنيكون «الإله الغني».
إنّ القرآن الكريم يشير إلى هذا النحو منالاستدلال بالجملة التالية:
(وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض).
وعلّة هذا العلو والاستعلاء هو اعتمادتدبير أحدهما على تدبير الآخر بحيث لواختل أو انتفى التدبير الكلي العلويلانتفى التدبير السفلي الجزئي ولم يعد لهأثر ولا خبر، ولا ريب أنّ تفوق التدبيرمستلزم لتفوق المدبِّر وعلوه.(1)
نرى في قوله سبحانه:
(وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواهَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللّهِ وإنْتُصِبْهُمْ سَيِّئةٌ يَقُولُوا هَذِهِمِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِاللّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لايَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً * مَاأَصابَكَ مِنْ حَسَنَة فَمِنَ اللّهِوَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَة فَمِنْنَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِرَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً).(2)
إنّ الآية الأُولى تنسب كلاّ من الحسنةوالسيئة إلى اللّه، وفي الوقت نفسه
1.قد تقدم في صفحة 403 الاستدلال بمضمونالآية الأُولى على «وحدة المدبر» غير أنّالاستدلال هنا يكون بنفس هذه الآية منضمةإلى آية أُخرى، وجعل الآيتين بمنزلة برهانواحد ذي شقوق تتكفل الآيتان بيان شقوقالبرهان. 2. النساء: 78 ـ 79.