تنسب الآية الثانية الحسنة إليه سبحانهوالسيئة إلى نفس الإنسان، فكيف تجتمعهاتان النسبتان؟
والخطاب في الآية الثانية وإن كان للنبيإلاّ أنّ الغاية منه أعم، فهو وإن كان قدخوطب بالكلام، ولكن المقصود الناسجميعاً، وعندئذ ينطرح هذا السؤال: إذا كانالمؤثر الحقيقي في العالم هو اللّه سبحانهوكان تأثير غيره منوطاً بإذنه ومشيئتهوقدرته وأقداره، كما يفيده قوله سبحانه:(قُلْ كُلٌّ مِنْ عِندِ اللّهِ)،لأجل أنّللحسنة والسيئة عوامل وعللاً تنتهي إلىاللّه سبحانه وتقوم به، فيكون الكلّمستنداً إليه، ومعه كيف يستدرك في الآيةالثانية ويقرن بين الحسنة والسيئة فينسبالأُولى إلى اللّه والثانية إلى نفس النبيوبالنتيجة إلى مطلق الإنسان ويقول: (ومَاأَصَابَكَ مِنْ حَسَنَة فَمِنْ اللّهِوَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِئَة فَمِنْنَفْسِكَ)؟ فهل هذا إلا تفكيك في الحوادثوجعل بعضها منتهياً إلى اللّه دون البعضالآخر.
إنّ المقصود من الحسنة في الآية، الأُمورالتي تلائم وتنطبق مع المزاج والمصالحالبشرية بينما تكون السيئة عكس ذلك، كمافي قوله سبحانه:
(إِنْ تَمسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْوَإِنْ تُصِبْكُم سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوابِهَا).(1)
وليس المراد منها الطاعة والمعصية ولاالثواب والعقاب بل الحوادث التي تعد خيراًأو شراً للإنسان طيلة حياته.
إنّ بعض المنضمين إلى صفوف المؤمنين كانتألسنتهم طويلة وعملهم
1. آل عمران: 120.