له، وعبَّر القرآن ـ في كل هذه الموارد ـبلفظ السجود ليوسف.
ومن هذا البيان يستفاد ـ جلياً ـ أنّ مجردالسجود لأحد بما هو هو مع قطع النظر عنالضمائم والدوافع ليس عبادة، والسجود كمانعلم هو غاية الخضوع والتذلّل.
3. يأمر اللّه تعالى بالخضوع أمامالوالدين وخفض الجناح لهم، الذي هو كنايةعن الخضوع الشديد، إذ يقول:
(وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّمِنَ الرَّحْمَةِ).(1)
ومع ذلك لا يكون هذا الخفض: عبادة.
4. إنّ جميع المسلمين يطوفون ـ في مناسكالحج ـ بالبيت الذي لا يكون إلاّ حجراًوطيناً، ويسعون بين الصفا والمروة وقد أمرالقرآن الكريم بذلك، حيث قال:
(وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِالْعَتِيقِ).(2)
(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْشَعَائِِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّالْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَعَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا).(3)
فهل ترى يكون الطواف بالتراب والحجروالجبل(4) عبادة لهذه الأشياء؟
1. الإسراء: 24. 2. الحج: 29. 3. البقرة: 158. 4. المسلمون كلهم يستلمون الحجر الأسود ـفي الحج ـ واستلام الحجر الأسود منمستحبات الحج، وهذا العمل يشبه من حيثالصورة (لا من حيث الواقعية) أعمالالمشركين تجاه أصنامهم في حين انّ هذاالعمل يعد في صورة شركاً، وفي أُخرى لا يعدشركاً بل يكون معدوداً من أعمال الموحدينالمؤمنين، وهذا يؤيد ما ذكرناه آنفاً منأنّ الملاك هو النيات والضمائر لا الصوروالظواهر وإلاّ فهذه الأعمال بصورهاالظاهرية لا تفترق عن أعمال الوثنيين.