(ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْإِذَا فَرِيقٌ مِنكُمْ بِرَبِّهِمْيُشْرِكُونَ).(1)
هذه بعض الآيات في هذا المجال، والواجب هوالإمعان في عبارة «إذا هم يشركون».
إنّ المقصود من الشرك ـ في هذه الآيات ـليس فقط أنّ هؤلاء إذا وصلوا إلى البر أونجوا عكفوا على عبادة الأوثان، بل المرادما هو أوسع من ذلك، فإنّهم إذا نجوا عادواإلى نسيان الحالة السابقة، والتجأوا إلىالأسباب المادية متصوّرين أنّها أسبابمستقلة تمدّهم في إدامة الحياة من دوناستمداد من اللّه سبحانه وناظرين إليهابعين العلل المستقلة غير المعتمدة علىاللّه، ولا شك أنّ النظر إلى الأسبابالعادية من نافذة الاستقلال هو أيضاً شركيجب الاجتناب عنه، وهي نقطة الافتراق بينالمدرسية الإلهية والمدرسة المادية، ولوطالعت هذه الآيات المتعلّقة بالشركوالتوحيد بروح علمية، لوجدت كيف أنّالقرآن الكريم يصر على أنّه ليست في عالمالوجود قدرة في مصاف القدرة الإلهية، ولاإرادة في عرض تلك الإرادة.
ويرشدك إلى هذا أنّ القرآن يعتقد بأنّهسبحانه هو الهادي في ظلمات البر والبحر،وهو مرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته ومنزلالغيث، ويقول:
(أَمن يَهْدِيِكُمْ فِي ظُلُمَاتِالْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُالرِّيَاحَ بُشْرَى بَيْنَ يَدَيْرَحْمَتِهِ ءَإِلهٌ مَعَ اللّهِ تَعَالَىاللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).(2)
مع أنّ البشر كان ولا يزال يستفيد منالأسباب والوسائل الطبيعية كالنجوموالبوصلات ويهتدي بها وبغيرها من الأدواتالتكنولوجية في أسفاره البرية
1. النحل: 54. 2. النمل: 63.