مفاهیم القرآن جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
والبحرية، وليس هذا إلاّ لأجل أنّ سببيةالأسباب بتسبيب من اللّه سبحانه.كما أنّ الرياح والأمطار في هذه الطبيعةينش آن نتيجة سلسلة طويلة من تفاعل العللالطبيعية التي تتسبب في وجود ظاهرةالرياح، أو الأمطار، ولكن القرآن مع ذلكيقول:(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَبُشْرًى بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ)(1).(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَمِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوْا وَيَنشُرُرَحْمَتَهُ)(2).وليس ذلك إلاّ لأنّ اللّه وراء تلكالأسباب، وهي تفعل بأمره واقداره.وبكلام آخر أنّ هذه العلل والأسباب حيثإنّها غير مستقلة، لا في وجودها ولا فيتأثيرها، بل هي مخلوقة بأسرها وبتماموجودها، وتأثيرها للّه، لذا يصرح القرآنالكريم بأنّه سبحانه الهادي في ظلمات البروالبحر و مرسل الرياح ومنزل الغيث من بعدما قنطوا.وهذه الحقيقة ـ بعينها ـ مبينة بوضوح تامفي آيات سورة الواقعة.إنّ هذا لا يعني أنّ القرآن الكريم يتنكرللعلل والأسباب الطبيعية، وينكر وجودهاومشاركتها، ويلغي دورها، بل حيث إنّ هذهالعلل والأسباب لا تملك من لدن نفسهااستقلالاً وتقوم باللّه سبحانه قيامالمعنى الحرفي بالمعنى الإسمي بحيث لوقطعت عنها عنايته تعالى آناً ما، انهارتوتهافتت جملة واحدة، وانقلب عالم الوجودمع كل وضوحه إلى ظلام وعدم، لذلك تفنن فيتفسير الظواهر الطبيعية تارة بنسبتها إلىاللّه سبحانه وأُخرى إلى سائر العللوثالثة إليهما معاً، قال: (وَمَا رَمَيْتَإِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَرَمَى)(3).(4)