النظرية الرابعة
وتظهر هذه النظرية من الشريف المرتضى فيأماليه، وإليك نص ما قاله الشريف بلفظه: (1)إنّ اللّه تعالى إنّما عنى جماعة من ذريةبني آدم خلقهم وبلّغهم وأكمل عقولهموقرّرهم على ألسن رسله (عليهم السَّلام)بمعرفته وما يجب من طاعته، فأقرّوا بذلك،وأشهدهم على أنفسهم به لئلاّ يقولوا يومالقيامة: (إنّا كنّا عن هذا غافلين)أويعتذروا بشرك آبائهم.وحاصل هذا الكلام وتوضيحه أنّ اللّهتعالى أخذ الاعتراف من جماعة خاصة، منالبشر، وهم العقلاء الكاملون، لا من جميعالبشر.وقد أخذ هذا الاعتراف والميثاق حيث أخذبواسطة الرسل والأنبياء الذين ابتعثهماللّه إلى البشرية في هذه الدنيا.وهذه النظرية مبنية على كون «من» في قولهسبحانه: (من بني آدم)تبعيضية لا بيانية،ولأجل ذلك يختص بالمقتدين بالأنبياء.ويمكن تأييد هذه النظرية بأنّ النبي (صلّىالله عليه وآله وسلّم) قد أخذ منهمالاعتراف في بعض المواضع على اختصاصهتعالى بالربوبية، كما يحدّثنا القرآنالكريم إذ يقول: (قُلْ مَنْ رَبُّالسَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّالْعَرْشِ الْعَظِيمِ *سَيَقُولُونَللّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ)(2)، ومايشابههما من الآيات التي أخذ فيهاالاعتراف من الأشخاص،1. الأمالي: 1/29.2.المؤمنون: 86 ـ 87.