لقد قادنا التحقيق السابق إلى فطريةمباني الدين وأُسسه وأُصوله، ويتعينعلينا الآن أن ننبه القارئ الكريم بعدةنقاط نراها ضرورية في المقام:
الأُولى: الفرق بين التوحيد الفطري والتوحيد الاستدلالي
يمكن البحث والتحدث حول معرفة اللّهوالتوصل إليها عن طريقين هما:1. طريق الفطرة.2. طريق الاستدلال.والمراد من «طريق الفطرة» هو أنّ كل إنسانيشعر في قرارة ضميره، ومن تلقاء نفسهبانجذابه نحو اللّه، وميله العفوي الفطريإليه دون أن يكون في ذلك متأثراً ببرهان،أو خاضعاً لدليل، أو نابعاً من تعليممعلم، أو دعوة أحد، أو ما شابه ذلك منالمؤثرات الخارجية.والمقصود بالطريق الثاني أي التوحيدالاستدلالي، هو أن يجد المرء طريقه إلىمعرفة اللّه عبر الاستدلال وإقامةالبراهين العقلية والفلسفية فلا يكوندليله في هذا السبيل، إلاّ تلك البراهينليس إلاّ.وقد يحدث خلط والتباس بين هذين الطريقينوهذين النوعين من «التوحيد» لذلك لا بد منالتلميح إلى ما يساعدنا على التمييز بين«الفطري» و «غير الفطري» من الأُمور. وهذاهو ما نبينه في النقطة الثانية التالية: