انحصار حق الطاعة في اللّه سبحانه
تعتبر مسألة التوحيد في الطاعة من أهممسائله والمراد منه الاعتقاد بأنّه ليسهناك من تجب طاعته بالذات إلاّ اللّهتعالى، فهو وحده الذي يجب أن يُطاع وتمتثلأوامره، وأمّا طاعة غيره فإنّما تجوز إذاكانت بإذنه و أمره وإلاّ تكون محرمة، ووجهذلك هو أنّ الطاعة من شؤون المالكيةوالمملوكية، ومن فروع الربوبيةوالمربوبية، فالمالك للوجود بأسره وربالكون الذي منه وإليه كل شؤوننا هو الذييجب أن يُطاع دون سواه، ولا تعني الطاعة ـفي الحقيقة ـ سوى أن نضع ما وهبنا من آلاءونعم بما في ذلك «وجودنا» و «إرادتنا» ـ فيالموضع الذي يرضاه ولا ريب أنّ المروق منهذه الطاعة لا يكون إلاّ ظلماً تقبّحهالعقول السليمة، وتنفر منه الطباعالمستقيمة.وبعبارة أوضح: أنّ التوحيد في الطاعة يعدفي الحقيقة من شؤون التوحيد في الأفعال.فعندما نعتقد بأنّه ليس للكون إلاّ خالقومنعم واحد وأنّ وجود العالم مستمد من ذلكالخالق المنعم، في هذه الصورة يتعينبالضرورة أن نعترف بأنّه ليس في الوجودسوى مطاع واحد هو الذي تجب طاعته دون غيره،وإلى ذلك يشير قوله سبحانه: (يَا أَيُّهَاالنَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَىاللّهِ وَاللّهُ هُوَ الْغَنِيُّالْحَمِيدُ)(1).1. فاطر: 15.