سريان الشعور في الجمادات
تحدّثت الآيات القرآنية عن هذه الحقيقةبنحو ما، وراحت تنسب أفعالاً إلى(الجمادات) تقترن بالشعور وتثبت الإدراكلها.فالقرآن الكريم يرى أنّ سقوط بعض الصخورمن نقطة ما إنّما هو نتيجة خوفها من اللّهوخشيتها منه تعالى إذ يقول:(وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْخَشْيَةِ اللّهِ).(1)نعم ربما يحتمل أنّ المراد من قوله تعالى:(وإِنَّ مِنها (مِنَ الحْجَارَةِ) لَمَايَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ...) هوالتعبير عن شدّة قسوة قلوب اليهود، بشهادةأنّ من الحجارة ما تتفجّر منه الأنهار،دون قلوبهم، وانّ من الحجارة ما يهبط منخشية اللّه دونها، وعند ذاك لا تصلح الآيةللاستدلال على سريان الشعور في الموجوداتعامّة.غير انّ هذا الاحتمال لا يضر بما ذهبناإليه، فإنّ التعبير عن شدّة قسوة قلوبهميجتمع مع دلالة الآية على سريان الشعور فيعامّة الموجودات، فإنّ الآية أثبتتللحجارة صفتين: التفجّر، والهبوط من خشيةاللّه.فكما أنّ التفجّر أمر حقيقي لها، فكذلكالهبوط من خشية اللّه أمر حقيقي لها، ومعذلك تدلّ على شدّة قسوة قلوبهم.وفي آية أُخرى يخبر القرآن الكريم عن قضيةعرض الأمانة على السماوات والأرضوالجبال، وامتناع هذه الأشياء عن حملهاخشية و إشفاقاً فيقول:(إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَىالسَّموَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِفَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا1. البقرة: 74.