مذهب الإمام الأشعري
إنّ هناك مذهباً آخر يعد مقابلاً للمذهبالماضي وهو المنسوب إلى الإمام الأشعري،فهو لا يعترف إلاّ بمؤثر واحد وهو اللّهسبحانه وينكر علّية أي موجود سواه، بليقول جرت إرادة اللّه على خلق الحرارة بعدالنار وخلق النور بعد الشمس وهذا هو ماأسموه بالعادة الإلهية.فالعادة الإلهية جرت ـ حسب تلك النظرية ـعلى ظهور الأثر عقيب وجود المؤثر، دونمشاركة أو سببية للمؤثر في حصول ذلك الأثرمطلقاً.ولكن هذه النظرية مرفوضة لمخالفتهاالصريحة للبراهين العلمية والفلسفيةولصريح الآيات القرآنية حول تأثير العللوالأسباب الطبيعية في عالم الكون، ونحننرجئ بيان بطلان هذا الرأي من الناحيةالعلميةوالفلسفية(1) إلى موضع آخر، وإنّمانكتفي هنا ببيان بطلانه من وجهة نظرالقرآن.1. نعم هذه النظرية تقارب ما نقل منالفيلسوف الإنجليزي المعروف: هيوم،حيثإنّه أنكر مطلق العلية ولم يعترف حتىبعلّة واحدة، وعلّل ذلك بأنّ التجربة لاتثبت إلاّ التوالي والتقارن بين الناروحرارتها والشمس وضوئها، وهما غيرالعلّية أي نشوء شيء من شيء.ولكنّه لما حصر أسباب المعرفة بالتجربةوالاختبار عجز عن إثبات قانون العلية الذيتبتني عليه المعارف البشرية، ولو رجع إلىالبراهين الفلسفية التي أقامها الفلاسفةعلى أنّ كل ظاهرة ممكنة تحتاج إلى سببيخرجها من نقطة الاستواء لظهر له الحقبأجلى مظاهره.