يحمل بعض المفسرين (وعلى رأسهم: الرمانيوأبو مسلم وفريق آخر) هذه الآية على:التوحيد الفطري، ويفسرونها بهذا التفسير.فهم يقولون: يحط الإنسان قدميه في هذهالدنيا، وهو ينطوي على سلسلة من الغرائزوالاستعدادات، وسلسلة من الحاجاتالطبيعية والفطرية إلى جانب سلسلة منالمدركات العقلية.فهو [أي الإنسان] عند نزوله من صلب أبيهإلى رحم أُمّه، وعند انعقاد نطفته لا يكونأكثر من ذرة، ولكن هذه الذرة تنطوي علىاستعدادات وقابليات جديرة بالاهتمام.. ومنجملة تلكم الاستعدادات هي قابليته لمعرفةاللّه التي تنمو وتتكامل مع تكامل هذهالذرة وجنباً إلى جنب مع تكامل سائراستعداداته الأُخرى حتى تنتقل في الم آلمن مرحلة «القوة» إلى مرحلة «الفعلية»والكمال.وبعبارة أُخرى، فإنّ الإنسان يولد وقدأُودعت في كيانه «غريزة معرفة اللّه»والتوجه إلى ما وراء الطبيعة بشكل سر إلهيمزروع في أعماق البشر بحيث لو لم تنله يدخارجية لنمت غريزة «الميل إلى معرفةاللّه» في فؤاد الإنسان ولما انحرف عنجادة التوحيد مطلقاً إلى درجة أنّ علماءالنفس اعتبروا «الشعور الديني» هذا أحدأبعاد الروح الإنسانية ووصفوه بمثل هذاالبعد، إذ قال أحدهم في تعريف الإنسانبأنّه «حيوان ميتافيزيقي».وفي الحقيقة أنّ هذا الشعور الدينيالغريزي رسم في ضمير الإنسان بقلم التكوينعلى غرار بقية الغرائز والأحاسيسالموجودة في الإنسان وهي [أي غريزة الشعورالديني] تنمو وتنضج مع نمو الإنسانوتكامله.