مفاهیم القرآن

جعفر سبحانی تبریزی

جلد 1 -صفحه : 664/ 589
نمايش فراداده

وأمّا الآية الثانية، فهي تهدف إلى أنّيعقوب لا يملك لأبنائه أمراً ولا يضمن لهمفي صفحة الوجود شيئاً، فأُمور الكون كلّهابيده، ولابد من التوكّل عليه رغم معرفةأسباب الظفر بالمطلوب، ولأجل ذلك بعد ماعرفهم أسباب الظفر بقوله: (وَقَالَ يَابَنِيَّ لاَ تَدْخُلُوا مِنْ بَاب وَاحِدوَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَاب مُتَفَرِّقَة)عاد يذكّرهم بأنّه لا يضمن ـ مع ذلك ـ لهمشيئاً بقوله: (وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْمِنَ اللّهِ مِنْ شَيْء إن الحُكْمُإِلاَّ للّهِ).

وأوضح دليل على كون المراد من الحكم هوالحكم التكويني أمره بإيكال الأُمور إليهفي مجاري الحياة بقوله: (عَلَيْهِتَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِالْمُتَوَكِّلُونَ).

وعلى الجملة فالآية الأُولى من الآيتينصريحة في اختصاص التشريع باللّه سبحانه،لا يتردد في مضمونها من له إلمام بمعارفالقرآن.

ويقرب من هذه الآية قوله سبحانه: (إِنَّرَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَالْسَّمواتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِأَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِيُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَيَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَوَالْقَمَرَ والنُّجُومَ مُسَخَّرَاتبِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُوَالأمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّالْعَالَمِينَ).(1)

فإنّ المفسرين فسّروا الأمر هنا بالأمرالتشريعي، قال الطبرسي: إنّما فصل بينالخلق والأمر، لأنّ فائدتهما مختلفةلأنّه يريد بالخلق أنّ له الاختراع،وبالأمر أنّ له أن يأمر في خلقه بما أحبّويفعل بهم بما شاء(2)

1. الأعراف: 54.

2. مجمع البيان: 4/428 وهذه الآيات كما دلتعلى حصر التشريع باللّه سبحانه كذلك تدلّعلى حصر الحاكمية باللّه سبحانه وسيوافيكبيان دلالة الآية على حصر الحاكمية باللّهسبحانه ولفظ «الحكم» والأمر في الآيتينأعم من التشريع والحاكمية.