مفاهیم القرآن

جعفر سبحانی تبریزی

جلد 1 -صفحه : 664/ 639
نمايش فراداده

في اللّه سبحانه، لا حصر الإمرة والتصديلنظام البلاد وإقرار الأمن في المجتمعالبشري، إلى غير ذلك من الشؤون.

نعم لا مناص في إعمال الولاية للّه سبحانهمن تنصيب من يباشر إدارة البلاد، إذتستحيل ممارسة الحكم للّه بصورة مباشرة.

ولأجل ذلك نجد أُمّة كبيرة من جنس البشرتولّوا منصة الولاية من جانب اللّه سبحانهوإذنه الخاص يديرون شؤون الحياةالاجتماعية للإنسان، وفي ذلك يخاطب اللّهنبيه داود ويقول:

(يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَخَلِيفَةً فِي الأرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَالنَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِالْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِاللّهِ).(1)

إنّ الآية وإن كانت واردة في تنصيب داودعلى القضاء ولكن نفوذ قضائه في زمانه كانناشئاً عن ولايته وحاكميته الواسعة التيتشمل الحكم والإمرة بحيث يكون نفوذ القضاءمن لوازمها وفروعها، فهو سبحانه لم ينصبهللقضاء فحسب، بل أعطى له الحكومة الواسعةبأبعادها، لأنّ نفوذ حكم القاضي غير ممكنمن دون أن تكون له سلطة وحاكمية، ولم يكنالقضاء في تلكم الأعصار منفصلاً عن سائرشؤون الحكومة كما هو الرائج في عصرنا وقدكان داود (عليه السلام) يتمتع بسلطة تامةواسعة تشمل التنفيذية والتشريعية ـ بمعنىبيان الأحكام عن طريق الوحي ـ والقضائيةإذ يقول عنه القرآن:

(وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُاللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَوَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَولاَدَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْبِبَعْض لَفَسَدَتِ الأرْضُ).(2)

1. ص: 26.

2. البقرة: 251.