مفاهیم القرآن

جعفر سبحانی تبریزی

جلد 2 -صفحه : 624/ 379
نمايش فراداده

«381»

مهمل جانب الروح، أوناس جانب الجسد،ويتجلّى هذا المنطق وهذا المنطلق في موقفالقرآن الكريم من الدنيا والآخرة، فهويرسم لنا كيف يجب أن يتعامل الإنسان مع كلّواحد من هذين الجانبين، ولهذا يتعيّنعلينا ـ قبل أيّ شيء ـ أن نلقي نظرة فاحصةعلى ما ذكره القرآن في هذا الصعيد.

ورغم أنّ هذا البحث حول (الدنيا والآخرة)في القرآن يعتبر من أهمّ البحوث وأوسعهالكثرة الآيات الواردة فيه، إلاّ أنّهربّما غفل البعض عن موقف القرآن الحقيقيّفي هذه المسألة، فخرج بتفسيرات وتوجيهاتبعيدة عن هدف الإسلام، وروح تعاليمهالجامعة.

لقد نظر القرآن الكريم في آياته نظرةشاملة جامعة إلى الدنيا والآخرة، ولكنفريقاً من الناس لم يلاحظ إلاّ الآياتالتي تحث على الاستفادة من النعمالدنيويّة فوصف (الإسلام) بأنّه دين ماديّالمنزع يسعى لضمان الجانب الماديّ فحسب،في حين لاحظ فريق آخر تلك الآيات الذامةللدنيا والآخذين بها، والتي تصفها بأنّها(متاع قليلٌ) ولذلك وصف الإسلام بأنّهيخالف الدنيا، وأنّه دين الآخرة ليس إلاّ،في حين أنّ النظرة الشاملة لجميع الآياتالواردة حول هذه المسألة تهدينا إلى غيرما ذهب إليه هذا، أو ذاك الفريق. فهيتقودنا إلى معرفة الموقف القرآنيالحقيقيّ اتّجاه الدنيا والآخرة، واتّجاهالماديّة والمعنويّة.

ولمّا كان هذا البحث بحثاً قرآنياًمفصّلاً ومستقلاً فإنّنا نكتفي هاهنابعرض المسألة إجمالاً، ونشير إلى بعضالآيات تاركين تحقيق المطلب إلى موضع آخر.

إنّ الناظر إلى آيات القرآن الكريم حولالدنيا يجدها على طوائف ثلاث:

1ـ طائفة مادحة للدنيا.

2ـ طائفة ذامة لها.

3ـ طائفة حاثّة على الأخذ بالدنيا والآخرةمعاً ومشيرة إلى أنّ الدنيا الملهية هيالمذمومة دون غيرها.