(وكذلك جعلناكُم أُمَّةً وسطاً)(البقرة: 143).لا شكّ في أنّ الدين الإسلاميّ دعا إلىالعبادة والأخذ بتقوى اللّه سبحانه، إلىجانب الدعوة إلى الاستفادة من النعمالماديّة، والتمتّع بلذائذ الحياةالدنيا، وهو بهذا استطاع أن يخلق منالاُمّة الإسلاميّة، اُمّة (وسطاً) حازتالجوانب الماديّة والمعنويّة معاً. فهيليست كالاُمم (الماديّة) التي تعتقدبأصالة اللذة فتلخّص الإنسانيّة والحياةالبشريّة في مجرد الاستمتاع بلذائذالدنيا ونعمها، ومواهبها، كما يشاءالأعداء أن يتّهموا الإسلام بذلك.كما ليست كالاُمم ذات الاتّجاه الروحيّالبحت، التي لخّصت الحياة الإنسانيّة فيالانسياق وراء الجوانب الروحيّة المحضةناسية وراءها الدنيا وما فيها، والجسدومتطلباته، بل الإنسان الكامل ـ في ظلالنظام الإسلاميّ وبحكم طبيعته المزدوجةمن الروح والجسد ـ هو الذي يتمتع بكلاالجانبين الماديّ والمعنويّ، فيأخذ منالدنيا زاده ومتاعه، ويتّجه إلى الآخرةهدفاً ومقصداً فيأخذ من هذا حظّاً، ومنذلك حظّاً غير