لشخص واحد لأهليّته لهماإلاّ أنّ الغالباختلاف الوالي والقاضيّ)(1).ولقد أعطى الإمام عليّ (عليه السلام) وهوإمام المسلمين على الإطلاق، والحاكمالأعلى للاُمّة الإسلاميّة مثلاً عمليّاًعلى هذا الاستقلال القضائيّ السياسيّ حيثمكّن القاضيّ ـ بفضل هذا السلوك الإسلاميّـ من محاكمة حاكم المسلمين وأحد رعاياه فيمحكمة واحدة.. وذلك في قضيّة اليهودي معالإمام عليّ (عليه السلام):فقد نقل المؤرّخون أنّه (عليه السلام)لمّا وجد درعه عند يهودي من عامّة الناسفأقبل به إلى أحد القضاة وهو شريح ليخاصمهويقاضيه، ولمّا كان الرجلان أمام القاضيقال عليّ: «إنّها درعي ولم أبع ولم أهب».فسأل القاضي الرجل اليهوديّ ما تقول؟ فقالاليهوديّ: ما الدرع إلاّ درعي، وما أميرالمؤمنين عندي بكاذب وهنا التفت القاضيشريح إلى عليّ يسأله: هل من بيّنة تشهد أنّهذه الدرع لك؟ فضحك عليّ وقال «ماليبيّنة» فقضى شريح بالدرع لليهوديّ،فأخذها ومشى وأمير المؤمنين ينظر إليه!إلاّ أنّ الرجل لم يخط خطوات قلائل حتّىعاد يقول:إمّا أنا فأشهد أنّ هذا أحكام أنبياء،أمير المؤمنين يدينني إلى قاض يقضي عليهثمّ قال: الدرع واللّه درعك يا أميرالمؤمنين وقد كنت كاذباً فيما ادّعيت (2).
3ـ رعاية آداب القضاء وكيفيّته
إنّ الإسلام لم يكتف بالتشديد على أهميّةالقضاء، واعتبار صفات معيّنة في القاضي،بل سنّ للعمل القضائيّ آداباً وسنناً أكّدعلى القاضي الأخذ بها في قضائه ليسلم منشوائب الظلم والحيف، ويكون أقرب إلىالإنصاف والحقّ والعدل، وقد لخّص فقهاؤناهذه الآداب التي ذكرتها الأحاديثالمتواترة، في كتبهم الفقهيّة نشير إليها.1- راجع منية الطالب 1: 325.2- بحار الأنوار 41: 56،عليّ وحقوق الإنسان:87،88 لجورج جرداق مع اختلاف يسير.