وأمّا ما يتعلّق بالحقوق والقوانينالدوليّة بعامّتها وخاصّتها فسيوافيكالحديث عنها في بحث خاصّ تحت عنوان:«السياسة الخارجيّة في الحكومةالإسلاميّة».إنّ من له أدنى إلمام بالفقه الإسلاميّيجده غنيّاً عن أيّ تشريع بشريّ وأيّقانون وضعيّ.ولو أنّ المسلمين ـ اليوم ـ أخذوابالتشريع الإسلاميّ كاملاً، وفرّعواالفروع، واجتهدوا على أساسه لوجدوهووجدوا أنفسهم في غنى عن أيّ اقتباس من هناأو هناك، وللتأكّد من هذه الحقيقة الساطعةلاحظ ـ أيّها القارىء الكريم ـ كتاب«تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهبالإماميّة» في تمام الفقه، لآية اللّهالعلاّمة الحليّ المولود عام(648هـ)والمتوفّى عام (726هـ) والذي اقتصر فيهالمؤلّف على مجرّد الفتوى، وتركالاستدلال ولكنّه استوعب الفروعوالجزئيّات حتّى أنّه اُحصيت مسائلهفبلغت أربعين ألف مسألة، رتّبها على ترتيبكتب الفقه في أربع قواعد للعباداتوالمعاملات والإيقاعات والأحكام (1).ولهذا فإنّ الحضارة الغربيّة لمّا داهمتالمسلمين لم تخلب عقولهم من الناحيةالحقوقيّة، والقانونيّة، وإن خلبتهم منناحية التكنولوجيا والصناعة وذلك لما كانيتمتّع به المسلمون من الغنى الفقهيّ بفضلالتشريع الإسلاميّ الواسع الأطراف منجانب، وما كانوا يعانون منه من الفقر فيالجانب التكنولوجيّ حيث أنّهم كانوا قدتركوا الغور في العلوم الطبيعيّة منذ زمنطويل، وإن كان أسلافهم قد بدأوها وأبدعوافيها، وأتوا بابتكارات لا سابق لها.
شموليّة الحقوق الإسلاميّة
يبقى أن نعرف أنّ الحقوق التي جاء بهاالإسلام لا تقتصر على الاُمور المذكورة فيالكتب الفقهيّة، بل هناك حقوق أخلاقيّةبين الأفراد والأفراد، بل وبين الإنسان1- لاحظ كتاب الذريعة 3: 378.