وصفوة القول: أنّ كون الإنسان خليفة اللّهفي أرضه مضافاً إلى كونه ممثلاً بصفاته،صفات المستخلف له ـ بمقدار ما يمكن ـوممثّلاً بكماله وقدرته وعلمه; كمالهوقدرته وعلمه تعالى، يعني أيضاً كونالخليفة ذات مسؤوليات من جانب مخلِّفه،كمسؤوليّة الوكيل عن جانب موكِّله فيمجتمعه، ومن المسؤوليات الموجّه إلىالإنسان من جانب ربّه ـ بهذا الاستخلاف ـهو القيام بتدبير شؤون نفسه، وشؤون مجتمعهبممارسة القيادة لذلك المجتمع ومزاولةالحكومة والولاية خلافة عن اللّه.إذن فللناس أن يزاولوا الحاكميّة فيالأرض بالخلافة والنيابة عن اللّه.. ولكنمن البيّن أنّ هذا لا يتحقّق إلاّ بتقسيمالمسؤوليات في عامّة المجالات الحكوميّة،حتّى تتفرّغ جماعة لإدارة شؤون المجتمعالإنسانيّ، وسياسته.وعلى هذا الأساس تقوم فكرة سيادة الاُمّةفي منطق الإسلام، وتتّجه شرعيّة ممارسةالجماعة البشريّة للولاية والحاكميّة علىنفسها وبالتالي يبتنى عليه مبدأ الانتخابالشعبيّ للحكّام في النظام الإسلاميّالسياسيّ.
آثار الحاكميّة نيابةً عن اللّه
وتترتّب على هذه السيادة والولايةالشعبيّة المنبثقة عن الاستخلاف الإلهيّللإنسان اُمور:أوّلاً: انتماء الجماعة البشريّة الواحدةإلى محور واحد، وهو (المستخلف الواحد) الذياستخلفها على الأرض، بدلاً عن كلّالانتماءات الاخرى، وما يتبع ذلك منالإيمان بسيد واحد، ومالك واحد للكون، ومافيه.ويشير القرآن الكريم إلى هذه الحقيقةالعليا في الآية التالية، لكن استفادتهاتحتاج إلى ذوق خاصّ، قال سبحانه: (ضَرَبَاللّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاَءُمُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمَاًلِرَجُل هَلْ يَسْتَويَانِ مَثَلاً)(الزمر: 29).