2ـ خطر الروم
كانت الامبراطوريّة البيزنطيّة تقع فيشمال الجزيرة العربية، وكانت تشغل بالالنبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّمدائماً، ولم يبارحه التفكير في خطرها حتىرحل إلى ربّه.ولقد كان لهذا القلق مبرّره، فإنّ هذهالامبراطورية على غرار الامبراطوريّةالإيرانية، كانت ذات صفة توسّعيّة، وكانقادتها يقمعون أيّ حركة ومحاولة منمستعمراتهم للخروج من فلكها.ولقد وقعت بين هذه الامبراطوريّة وبينالمسلمين اشتباكات عديدةً. وكان أوّلاشتباك مسلّح وأوّل صدام عسكريّ عنيف هوالذي وقع في السنة الثامنة من الهجرة،وذلك عندما بعث النبيّ الأكرم صلّى اللهعليه وآله وسلّم (الحارث بن عمير الأزدي)مع رسالة إلى (الحارث بن أبي شمر الغساني)يدعوه فيها وقومه إلى الإسلام، فلمّا وصلإلى(مؤتة)تعرّض له (شرحبيل بن عمروالغساني)، وضرب عنقه(2).ولمّا كان قتل الرسل أمراً ممنوعاً فيجميع الحالات والظروف، وكان يعني أعتداءًعلى الجهة المرسلة; فإنّ هذا الفعل (أعنيقتل رسول النبيّ) كشف عن استهانتهم بقوةالإسلام وأمره، وعن تعصبهم ضدّه، وعدماعترافهم بكيانه السياسيّ، وقد حملت هذهالاُمور النبيّ الأكرم صلّى الله عليهوآله وسلّم على; أن يجهّز لهم جيشاً منثلاثة آلاف مقاتل، ويوجّهه إلى(مؤتة) وقدقتل في هذه الموقعة من اختارهم لقيادةالجيش وهم جعفر بن أبي طالب، وزيد بنحارثة، وعبد اللّه بن رواحة، وأخذ اللواءبعدهم خالد بن الوليد، ورجع الجيشالإسلاميّ من تلك الواقعة منهزماً أمامالجيش البيزنطيّ.1- الكامل للجزري 2: 145.2- اُسد الغابة 1: 341 ـ 342.