الإسلاميّ لم يسبق لها مثيل في العهودوالأنظمة السابقة واللاحقة; حيث سنّ لهولها اُصولاً وقواعد واُسساً وبرامجفريدة في نوعها، وعظيمة في محتوياتها.
فلقد وضع القرآن الكريما اُسس القضاءوشيّد الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآلهوسلّم إركانه وبنيانه وبين خلفاؤهالمعصومون تفاصيله، وجزئياته، وحدودهوأحكامه.
القضاء والحكومة للّه خاصّة
ولمّا كان القضاء ملازماً للتصرّف فيأموال الناس وأنفسهم وأعراضهم احتاج إلىولاية حقيقيّة وحيث لم تكن الولايةالحقيقيّة إلاّ للّه تعالى خاصّة; كانالقضاء أحد الحقوق المختصة به سبحانه دونسواه، فلا ولاية لأحد على أحد في هذهالشؤون، ولهذا قال سبحانه: (إِنِ الحُكْمُاِلاَّ للّهِ يقُصُّ الحَقَّ وَ هُوَخَيْرُ الفَاصِلينَ)(الأنعام: 57).
وقال: (إِنِ الحُكْمُ اِلاَّ للّهِ) (يوسف:40)(1).
إلى غير ذلك من الآيات التي تحصر حقّالحكومة (الشاملة للقضاء وغيره) باللّهسبحانه وحده لانحصار الولاية الحقيقيّةفيه دون سواه.
وقد عهد اللّه سبحانه بممارسة هذا الحقإلى أنبيائه وأوصيائهم سواء أكانواأوصياء بالاسم والشخص، أم بالرسم والوصف.
فالقضاة المنصوبون من ناحية النبيّ صلّىالله عليه وآله وسلّم أو أوصيائهم قضاةمنصوبون بالاسم والشخص وأمّا الذينيتعاهدون القضاء ـ زمن عدم التمكّن منالأوصياء والأئمّة ـ قضاة منصوبون بالرسموالوصف. كما نرى ذلك من رواية مقبولة لعمربن حنظلة حيث قال الصادق الإمام جعفر بنمحمّد (عليه السلام) له: «من تحاكم إليهم (2)في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلىالطّاغُوت، وما يحكُمُ لهُ فإنّما يأخُذُسُحتاً وإن كان حقّاً ثابتاً لهُ،
1- ولم نذكر الآية المشابهة (67) في تلكالسورة لأنّها ناظرة إلى معنى تكوينيّ.
2- المراد قضاة الجور.