كل هذا يكشف عن وجود نظام خاصّ لهذهالتعهّدات في السياسة الخارجيّة للإسلاميتجلّى خطوطه في مجموعة المواقف النبويّةوغيرها من مصادر الشريعة.
8 ـ المعاهدة للاستقراض الحربيّ
إنّ للحكومة الإسلاميّة أن تستقرض أوتستعير من الآخرين ما تحتاج إليه من المالأو السلاح في حالات الحرب. والحاجة إلىذلك.. وهو أمر فعله النبيّ صلّى الله عليهوآله وسلّم لما عاهد نصارى نجران ووضععليهم جزية معيّنة، وشرط عليهم أن يعيرواثلاثين درعاً وثلاثين فرساً وثلاثينبعيراً إذا كان كيد باليمن ذو مغدرة.
وقد جاء في هذه الوثيقة. «وما هلك ممّاأعاروُا رُسلي من خيل أو ركاب فهُم ضمنحتّى يردّوهُ إليهم، ولنجران وحاشيتهاجوارُ اللّه وذمّةُ مُحمّد النبيّ رسُولاللّه على أنفُسهم وملّتهم وأرضهموأمُوالهم وغائبهم وشاهدهم الخ» (1).
9ـ قطع العلاقات السياسيّة
لما كانت إقامة العلاقات الوديّة معالدول الاُخرى، وتوقيع المعاهدات معهالأجل مصالح تقتضي ذلك، وفي مقابل أعماليجب أن يقوم بها المعاهد، فإنّ الإخلالبمحتويات هذه المعاهدات، والقيام بمايخالف هذه المصالح يجوّز ـ في منطق العقل ـقطع العلاقات.. ونقض المواثيق المعقودةوقد فعل الرسول الأكرم ذلك في قصّةالحديبيّة حيث أقدم على نقض الصلح معقريش، وفتح مكّة عندما أظهرت قريش سوءنيّتها.
بيد أنّه يجب أن يكون قطع العلاقات تابعاًللمعايير الإنسانيّة، ولمبرّرات صحيحة،فإذا اقتضى الأمر قطع العلاقات ونقضالمعاهدة وجب على الحكومة الإسلاميّةإعلام الطرف الآخر بذلك وإبلاغه بالقطع،قال اللّه سبحانه: (الَّذِينَ
1- راجع فتوح البلدان للبلاذريّ 76.