التشريعيّ في الإسلام، هو التكامل فيالبيان والتدريج في النزول; لأجل أنّ بيانالأحكام لا يصحّ إلاّ بعد وجود مقتضياتوشروط في نفس المجتمع.أضف إلى ذلك; أنّ التدريج في البيانوالنزول إذا كان متّصلاً بالواقعةالخاصّة التي نزل في حقّها القرآن يكونأوقع في النفوس وأقرب إلى الحفظ، وإلى ذلكيشير قوله سبحانه: (وَقَالَ الَّذِينَكَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِالْقُرْءَانُ جُمْلَةً وا حِدَةًكَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَوَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيْلاً) (الفرقان: 32)وقوله سبحانه: (وَقُرْءَانَاًفَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَىالْنَّاسِ عَلَى مُكْث وَنَزَّلْنَاهُتَنْزِيْلاً) (الاسراء: 106).هذا مضافاً إلى ناحية خاصّة بالمجتمعالمدنيّ في عهد الرسول كانت تستوجب هذاالتدرج; وهو كون ذلك المجتمع فاقداً لأيّقانون اجتماعيّ وأخلاقيّ، فكان تعليمهجميع القوانين الاجتماعيّة والاقتصاديّةوالسياسيّة دفعةً واحدةً، أو في فترةقصيرة; أمراً يكاد يكون مستحيلاً حتّى لوخلت حياة النبيّ صلّى الله عليه وآلهوسلّم من المشاكل والمتاعب التي مرّذكرها.وقد كان ذلك عاملاً من عوامل عدم قدرةالاُمّة على استيعاب كلّ معالم الشريعةوأبعادها وتفاصيلها وتفريعاتها، وأخذهامن النبيّ الأكرمصلّى الله عليه وآلهوسلّم.ثمّ إنّ اُموراً وأسباباً عديدةً اخرىكانت تقتضي التدرّج في نزول القرآن الكريمإلى جانب ما ذكرناه، ويمكن تلخيصها فيمايلي:
1ـ تثبيت فؤاد النبيّ
إنّ النبيّ إذ كان يتحمّل مسؤوليةً ضخمةًجداً وكان يواجه في هذا السبيل صعوباتومشقّات صعبة جدّاً; كان لابدّ له من إمدادغيبيّ مستمرّ غير منقطع ونجدة إلهيّةمتّصلة; ولهذا كان نزول جبرائيل المتكررموجباً لتسليته وتقويته الروحيّة وإلىهذا أشار القرآن إذ قال: (كَذَلِكَلِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادكَ) (الفرقان: 32).