تلك السياسة الخارجيّة التي سنّهاالإسلام فإنّ شرح كلّ ذلك على وجه التفصيليحتاج إلى دراسة موسّعة وعامّة تتناولبالبحث جميع المعاهدات التي عقدها الرسولالأكرمصلّى الله عليه وآله وسلّم معالدول، والملوك و زعماء القبائل، وكذادراسة المعاهدات والمواثيق التي عقدهابعض الحكّام المسلمين بعده صلّى الله عليهوآله وسلّم.غير أنّ الهدف ـ هنا ـ هو إشارة خاطفةوتلميح عابر إلى (اُصول) هذه السياسةوخطوطها العريضة، ليعرف الجميع أنّالحكومة الإسلاميّة يوم قامت كانت جامعةلكلّ البرامج و المناهج التي تحتاج إليهاأيّة حكومة، وحاوية لكلّ ما تحتاج إليهالشعوب والاُمم، في علاقاتها الخارجيّة.وأمّا ما سيتجدّد من الاُمور والحاجاتفيمكن معرفة حلولها، على ضوء الاُصولوالقواعد المقرّرة كما هو الحال في غيرهذا الباب فإنّ على الشارع المقدّس بيانالاُصول وعلى علماء الحقوق والفقهاءالتفريع، والاستنتاج.ونحن نشير في هذا البحث إلى بعض الخطوطالكلّية في السياسة الخارجيّة للحكومةالإسلاميّة:
1 ـ إحترام العهود والمواثيق الدوليّة
إنّ إحترام المواثيق، والوفاء بالعهود منالاُمور الفطريّة التي طبع عليها البشروتعلّمها في أوّل مدرسة من مدارس تكوينالشخصيّة، أعني مدرسة الفطرة ولأجل ذلكنجد الأطفال يعترضون على أوليائهم إذاخالفوا وعودهم ولم يفوا بها ولهذا قالالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:«احبّوا الصّبيان وارحموهم وإذاوعدتّموهم شيئاً فأوفوا لهم» (1).هذا مضافاً إلى أنّ الاحترام للميثاقوالوفاء بالعهد شرط ضروريّ لإستقرارالحياة الاجتماعيّة واستقامتها، إذ الثقةالمتبادلة ركن أساسيّ لهذه الحياة، ولاتتحقّق هذه الثقة المتبادلة إلاّ بالوفاءبالعهود، والاحترام المتقابل للمواثيق،والوعود، ولهذا أمر اللّه سبحانه1- بحار الأنوار 16: 155.