يُدركُ إلاّ بالعمارة ومن طلب الخراجبغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ولميستقم أمره إلاّ قليلاً. فإن شكوا ثقلاً أوعلّةً أو انقطاع شرب أو بالة أو إحالة أرضاغتمرها غرق أو أجحف بها عطش خفّفت عنهمبما ترجو أن يصلح به أمرهم ولا يثقلنّ عليكشيء خفّفت به المؤونة عنهم، فإنّه ذخريعودون به عليك في عمارة بلادك وتزيينولايتك».ثمّ يقول: «ثمّ استوص بالتجّار وذويالصّناعات وأوص بهم خيراً المقيم منهموالمضطرب بماله والمترفّق ببدنه.. فإنّهمموادّ المنافع وأسباب المرافق وجلاّبهامن المنافع والمطارح في برّك وبحرك وسهلكوجبلك... وتفقّد امورهم بحضرتك وفي حواشيبلادك وأعلم ـ مع ذلك ـ أنّ في كثير منهمضيقاً فاحشاً وشحّاً قبيحاً واحتكاراًللمنافع وتحكّماً في البياعات وذلك بابمضرّة للعامّة وعيب على الولاة فامنع منالاحتكار فانّ رسول اللّه صلّى الله عليهوآله وسلّم منع منه وليكن البيع بيعاًسمحاً بموازين عدل، وأسعار لا تجحفبالفريقين من البائع والمبتاع، فمن قارفحكرةً بعد نهيك إيّاه فنكّل به وعاقبه منغير إسراف».إلى غير ذلك من الأحاديث والرواياتالوافرة التي يضيق بذكرها المجال.
موضع الزهد والتوكّل في الإسلام
ربّما يتوهّم وجود المنافاة بين دعوةالإسلام إلى العمل ونبذ الكسل وما يدلّعلى لزوم الزهد والتوكّل على اللّه فيالاُمور، وهذا وهم يقف على بطلانه من لهإلمام بالكتاب والسنّة، فإنّ الزهد الذيندب إليه الإسلام، والتوكّل الذي حثّ عليهليس بمعنى ترك تحصيل الدنيا وترك الاشتغالوالعمل، وإنّما يراد من الزهد عدم التعلّقبالدنيا كما فسّرته الأحاديث الشريفةومنها قول أمير المؤمنين (عليه السلام):«الزّهد في الدّنيا قصر الأمل، وشكر كلّنعمة والورع عمّا حرّم اللّه عليك»(1).1- معاني الأخبار للصدوق: 239، ونهج البلاغة:الخطبة رقم 79.