3 ـ الحريّة السياسيّة
وهي تعني أنّ لكلّ فرد أن يشغل المناصبالإداريّة ويساهم في الاُمور السياسيّةولا يمنعه عن ذلك مانع... وهذا حقّ طبيعيّلكلّ إنسان فليس لفرد أو جماعة خاصّة أنيستأثر بإدارة البلاد دون اشراك الآخرينفي ذلك حسب منطق الإسلام. بينما كان النظامفي الشعوب والملل السابقة نظاماً طبقيّاًيقسّم الناس إلى طبقات مختلفة متفاوتة منحيث الحقوق والامتيازات السياسيّةوالاقتصاديّة والاجتماعيّة، فكان الحكموالإدارة والسياسة من حقّ الطبقة الخاصّةوكان على بقيّة أفراد الشعب أن يكدحواويعملوا ولا يتدخّلوا في الاُمورالسياسيّة فلا دور للكفاءات ولا مجالللإسهام السياسيّ مطلقاً.وقد كان هذا الوضع سائداً قبل الإسلام فياليونان وإيران والهند وغيرها.وربّما كان بعض الشعوب والاُمم كاليهودتقيّم استحقاق المناصب على أساس الغنىوالثروة فكانوا يعطون حقّ الملك والسلطنةلمن كان غنيّاً صاحب ثروة ولهذا لما نصباللّه تعالى طالوت ملكاً على بني إسرائيلاعترضوا بأنّه فقير متجاهلين المؤهّلاتوالصفات القياديّة الاُخرى (1)، إذ قالوا:(أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَاوَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُوَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ المَالِ) فقالاللّه تعالى: (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُعَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِيالْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) (البقرة: 246)،مشيراً إلى أنّ طالوت يتمتع بالكفاءاتالقياديّة وهو المهم في أمر القيادةوالولاية والسياسة والإدارة.وإلى هذا الملاك (ملاك الكفاءة السياسيّة)يشير النبيّ يوسف (عليه السلام) لمّا يطالبعزيز مصر بأن يسلّمه خزائن البلاد وأمرالاقتصاد فيقول: (... اجْعَلنِي عَلَىخَزَائِنِ الأرْضِ إنِّي حَفِيظٌعَلِيمٌ) (يوسف: 55).إنّ الإسلام يعتبر الكفاءة واللياقة هوالملاك الأساسيّ للسياسة والإدارة وليسالتقسيمات الطبقيّة أو الاعتباراتالماديّة، وإلى هذا أشار الرسول الأعظم فيقوله: «من1- بحار الأنوار 13: 435، وتاريخ الطبريّ 2: 547.