التشريع وقسطاسه المستقيم فلا شيء فيالنظام الإسلاميّ إلاّ وينطلق من منطلقالعدل، ولا شيء فيه إلاّ ويهدف تحقيقالعدالة في الحياة الإجتماعيّة، ولقد أمرالقرآن الكريم عامّة المسلمين أنّيهتمّوا بإقامة القسط والعدل غايةالاهتمام فقال: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوا كُونُوا قُوَّامِينَ بِالقِسْطِشُهِدَاءَ لِلّهِ وَلَوْ عَلَىأَنْفُسِكُم)(النساء: 135).ومن الواضح أنّ (قوّام) الذي هو صيغةالمبالغة من (قائم) يوحي بشدّة التأكيدالإلهيّ على مسألة العدل، وإجرائه فعلىالمسلمين ـ لذلك ـ أن يبالغوا في تحقيقالعدالة حتّى على الأغنياء فلا يحابوهمولا يداروهم، ولذا قال اللّه سبحانه فيذيل تلك الآية: (أوِ الوالِدَيْنِوَالأقْرَبِينَ إنْ يَكُنْ غَنِيّاً أوْفَقِيراً فَاللّهُ أَوْلى بِهِمَا فَلاَتَتَّبِعُوا الهَوَى أنْ تَعْدِلُواوَإِنْ تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُوافَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَخَبِيْرَاً) (النساء: 135).فإنّ غنى المحكوم يجب أن لا يقف سدّاً فيطريق العدل، وينبغي أن لا يكون سبباًللتخلّي عنه.فها هو الإمام عليّ (عليه السلام) يرى أنّمن أهمّ واجبات الحاكم هو إقامة العدل:«وايم اللّه لأنصفنّ المظلوم من ظالمهولأقودنّ الظالم بخزامته حتّى أورده منهلالحقّ وإن كان كارهاً» (1).إنّ العدل لا يشكل طريقاً للأمنالإجتماعيّ للاُمّة الإسلاميّة فقط، بليمثّل طريقاً طبيعياً لحفظ السلامالعالميّ أيضاً، فإذا أراد العالم أن يأمنالحرب ويتخلّص من التجاوز فما عليه إلاّإجراء العدل والأخذ به في تعامله وتعايشه..ولا يمكن ذلك إلاّ بالأخذ بالنظامالإسلاميّ.
أبعاد العدل ومجالاته
إنّ للعدل أبعاداً ومجالات كثيرة ومفصّلةذكرها القرآن الكريم، نشير إليها هناباختصار:1- نهج البلاغة: الخطبة رقم 132.