واستضعاف المشركين، كما أنّها ناظرة إلىالنوع الأوّل من الأسارى كقوله سبحانه:(فَإمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحَرْبِفَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفهمْلَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)(الأنفال: 57).فهي نزلت في حقّ الناقضين للعهود وتؤكّدعلى النبيّ بأنّه إذا صادفتهم في الحربوظفرت بهم وأدركتهم فنكّل بهم تنكيلاًوأثّر فيهم تأثيراً حتّى تشرّد بهم منبعدهم وتطردهم وتمنعهم من نقض العهد بأنينظروا فيهم فيعتبروا بهم فلا ينقضواالعهد ويتفرّقوا في البلاد مخافة أنتقابلهم بمثل ما قابلتهم به، وأن يحلّ بهمما حلّ بمن قبلهم فالآية ناظرة إلى النوعالأوّل من الأسارى أعني المأخوذين قبل أنتضع الحرب أوزارها، ويشهد على ذلك قولهتعالى: (فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفهمْ)،وقوله سبحانه: (فَإِذَا لَقَيتُمُالَّذِينَ كَفَرُواْ فَضرْبَ الرِّقَابِحَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْفَشُدُّواْ الَوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاًبَعْدُ وإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَالحَرْبُ أَوْزَارَهَا)(محمد: 4).والظاهر أنّ قوله: (حَتَّى تَضَعَالحَرْبُ أَوْزَارَهَا) غاية لقوله:(فَضَرْبَ الرِّقَابِ)أي القتل والتنكيللحد وضع الحرب أوزارها، فيختصّ القتلبالأسرى المأخوذين قبل انقضاء القتالوانتهائه.وأمّا النوع الآخر أعني المأخوذين بعدهفحكمه ما أفاده قوله: (حَتَّى إِذَاأَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّواْالْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُوإِمَّا فِدَاءً)فالآية تخيّر الحاكم بينإطلاق سراحهم مجّاناً بلا عوض، وأخذالفداء بالنفس أو المال.وأمّا الاسترقاق فقد دلّت عليه الأحاديثالإسلاميّة، فلاحظ الكتب الفقهيّة.
بقي هنا أمران:
الأوّل: أنّ قتل الأسارى المأخوذينوالحرب قائمة يختص بوضع خاصّ لابزمانخاصّ، فالحكم أبديّ إلى يوم القيامة لكنّهحكم على موضوع محدّد وهو ما إذا كان فياستبقاء الأسارى قبل الاثخان محذور كما هوالحال في الصدر الأوّل من التاريخالإسلاميّ، فإنّ معيشتهم في ذلك العصروإمكانيّاتهم كانت محدودة بحيث لا يمكن