10 ـ الإنسان محور وليس آلة
إنّ للإنسان ـ في الاقتصاد الإسلاميّ ـمقاماً رفيعاً، وشأناً كبيراً، فهو لميخلق للإنتاج والاستهلاك، وهو لم يأت إلىهذه الحياة ليكون مسماراً في معمل أوحيواناً مستهلكاً في زريبة. بل هو كائنمكرّم خلقت الأشياء لأجله ولم يخلق هولأجلها ولذلك فليس الإنسان عبداً أسيراًبيد الاقتصاد، وآلة طيّعة بأيديالاقتصاديّين ليستغلّوه كيفما شاؤوا،ويستخدموه كيفما أرادوا، كيف وقد جعلهاللّه حرّاً كما قال الإمام عليّ (عليهالسلام): «لا تكن عبد غيرك وقد جعلك اللّهحرّاً» (1).وأيّة عبوديّة أشدّ وأوضح من تعلّقالإنسان بالمال، وفنائه في الإنتاجوالتوزيع والاستهلاك؟ وهل جاء الإنسانإلى هذه الحياة ليفعل ما تفعله الحيواناتفي حظائرها وزرائبها كما يقول الإمام عليّ(عليه السلام): «ما خلقت ليشغلني أكلالطيّبات كالبهيمة المربوطة همّها علفها،أو المرسلة شغلها تقمّمها، تكترش منأعلافها، وتلهو عمّا يراد بها، أو اتركسدىً، أو أهمل عابثاً، أو أجرّ حبلالضّلالة أو اعتسف طريق المتاهة»(2).فذلك لا يتفق مع المكانة التي رشّحه اللّهسبحانه لها، والمقام الذي ندبه إليه، وهومقام الخلافة الإلهيّة في الأرض، التي صرحبها القرآن الكريم إذ قال: (وَإِذْ قَالَرَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنّي جَاعِلٌفِي الأَرْضِ خَلَيفَةً) (البقرة: 30).وهو الذي كرّمه اللّه سبحانه، وفضّله علىكثير ممّن خلق إذ قال: (وَلَقَدْكَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَوَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَالطَّيّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىكَثِير مِمَّنْ خَلَقْنَاتَفْضِيلاً)(الإسراء: 70).إنّ الإسلام ينظر إلى النوع الإنسانيّ منهذه الزاوية، وبهذا المنظار، فإنّالإنسان ـفي منطق الإسلام ـ كائن مكرّم،ذو مكانة رفيعة فلا تجوز الاستهانةبقيمته، وتلخيص1- نهج البلاغة: قسم الكتب: الرقم 31.2- نهج البلاغة: قسم الكتب: الرقم 45.