المشركين كلّ من فرّ من مكّة إلى المدينة،واعتنق الإسلام فلمّا قدم النبيّ صلّىالله عليه وآله وسلّم إلى المدينة أتاهأبو بصير، وكان ممّن حبس لإسلامه بمكّةفلمّا قدم إلى رسول اللّه صلّى الله عليهوآله وسلّم كتب فيه قريش إليه صلّى اللهعليه وآله وسلّم يطلبونه منه ـ حسب ماالتزم في صلح الحديبيّة ـ وأرسلوا منيعيده إلى مكّة، فقال رسول اللّه صلّىالله عليه وآله وسلّم: «يا أبا بصير إنّاقد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت ولايصلُحُ لنا في ديننا الغدر وإنّ اللّهجاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاًومخرجاً فانطلق إلى قومك».قال يا رسول اللّه أتردّني إلى المشركينيفتنونني في ديني؟ قال صلّى الله عليهوآله وسلّم: «يا أبا بصير انطلق فإنّ اللّهتعالى سيجعلُ لك ولمن معك من المستضعفينفرجاً ومخرجاً» (1).وقد فرّج عنه فيما بعد كما وعده الرسولبإذن اللّه وممّا يؤكد أهمّية العهدوالميثاق أنّاللّه سبحانه صرّح بوجوبنصرة المؤمنين القاطنين في مكّة غيرالمهاجرين إلى المدينة إذاطلبوا النصرةمن مسلمي المدينة على المشركين إلاّ إذاطلبوا العون والنصرة على قومبينهم وبينالمسلمين ميثاق وعهد، وإلى هذا أشار قولهسبحانه: (وَالَّذِينَ آمَنُواوَلَمْيُهَاجِرُوا مَالَكُمْ مِنْوَلاَيَتِهِمْ مِنْ شَيْء حَتَّىيُهَاجِرُوا وَإنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِيالدِّينِ فَعليكُمُالنَّصْرُ إلاَّعَلَى قَوْم بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْمِيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَبَصِيرٌ)(الأنفال: 72).ويندرج تحت هذا الأصل احترام جميعالمعاهدات والمواثيق على اختلاف مقاصدها،ومحتوياتها، كالمواثيق التجاريّةوالعسكريّة والسياسيّة إذا كانت في صالحالمسلمين حدوثاً وبقاء.
2 ـ الإسلام والسلام العالميّ
لا شكّ أنّ لفظة السلام ممّا تلتذّبسماعها الاذان، وتهوى إلى حقيقتهاالأفئدة والقلوب، ولذلك تتستّر ورائهاالدول الكبرى لتضليل الشعوب.1- سيرة ابن هشام 2: 323.