انتخاب الاُمّة والأدلّة الإسلاميّة (1)
يحتوي الكتاب والسنّة وسيرة المسلمينالعمليّة على أدلّة كثيرة تدلّ على أنّللاُمّة أن تنتخب حكامها ورؤساءها وفقالضوابط والمعايير الإسلاميّة، وهي إلىجانب دلالتها على هذا الأمر، وإثباتها هذاالحقّ للاُمّة، تكشف عن طبيعة (الحكومةالإسلاميّة) ومنطلقاتها ومبادئهاالإلهيّة التي تميّزها عن غيرها من أنظمةالحكم المعمول بها في التاريخ أو الرائجةفي العالم المعاصر.وإليك هذه الأدلّة:1ـ استخلاف اللّه للإنسان
تصرّح بعض الآيات القرآنيّة، بأنّ اللّهتعالى استخلف الإنسان في الأرض، فهو إذن(خليفة اللّه) فيها من غير فرق بين آدموأبنائه إلى يوم القيامة، غير أنّ تلكالخلافة قد تجسّدت في ذلك الوقت في آدم،حيث يقول اللّه تعالى: (وَإِذْ قَالَرَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ: إِنِّي جَاعِلٌفِي الأرْضِ خَلِيفَةً..)(البقرة: 30).وهذه الآية والآيات التي ستمرّ عليك; تدلّبوضوح كامل على أنّ الخلافة لم تكن منحصرةفي فرد واحد من النوع الإنسانيّ وهو آدم(عليه السلام) بل هي تشمل جميع أبناءالبشريّة، بدليل أنّه بعد ما قال سبحانه:(إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِخَلِيفَةً)سأل الملائكة بقولهم:(أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَاوَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُنُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ)مظهرين بذلك; أنّالخليفة المزمع استخلافه في الأرض سيركبالفساد ويسفك الدماء، ومن المعلوم، أنّهذا العمل لم يكن صادراً من الإنسانالشخصيّ المتمثّل في آدم (عليه السلام) بلمن أبنائه وأبناء أبنائه، الذين طالمااقترفوا الذنوب وارتكبوا المعاصي، وأخبرالقرآن1- إنّ الأدلّة التي ستمر عليك في الصفحاتالقادمة تتكفّل بيان أمرين: أحدهما ضمنيّوالآخر استقلاليّ;فهي مضافاً إلى أنّهاتبيّن صيغة الحكومة في العصور الحاضرةتبيّن لزوم إقامة الدولة وتشكيل السلطة فيإطار الضوابط الإلهيّة.