ما يشكل أكبر الخطر على تلك الجماعةويعرّضها للتقهقر.وإليك بيان هذه الاُمور:
أ ـ عدم بلوغ الذروة في أمر القيادة
إنّ الاُمّة الإسلاميّة ـ كما يدلّناعليه التأريخ ـ لم تبلغ في القدرة علىتدبير اُمورها، وإدارة شؤونها، وقيادةسفينتها حدّ الاكتفاء الذاتيّ، الذيلايحتاج معه إلى نصب قائد لها من جانباللّه تعالى.وقد كان عدم بلوغ الاُمّة هذا طبيعياً;لأنّه من غير الممكن إعداد امّة كاملةالصفات، قادرة على إدارة نفسها، وبالغة فيالرّشد القياديّ والإداريّ حدّاً يجعلهامستغنيةً عن نصب قائد محنّك رشيد لها.إنّه من غير الممكن إعداد مثل هذه الاُمّةوتربيتها في فترة ثلاث وعشرين سنة مليئةبالأحداث والوقائع الجسيمة، ومشحونةبالحروب الطاحنة والهزات العنيفة.وليس هذا مختصاً بالاُمّة الإسلاميّة، بلالتجارب تدلّ على أنّه من غير الممكنتربية امّة كانت متوغّلةً في العاداتالوحشيّة والعلاقات الجاهليّة، والنهوضبها إلى حدّ تصير امّةً كاملةً تدفع عننفسها تلك الرواسب والعادات والخصائصالجاهليّة المتخلّفة، وتتقدّم بنفسها إلىذرى الكمال; بحيث تستغني عن نصب قائد محنّكورئيس مدبر، بل هي تقدر على تشخيص مصالحهافي تعيين القائد.إنّ إعداد مثل هذه الجماعة ومثل هذهالاُمّة لا يمكن ـ في العادة ـ إلاّ بعدانقضاء جيل أو جيلين، وبعد مرور زمن طويليكفي لتغلغل التربية الإسلاميّة إلىأعماق تلك الاُمّة، بحيث تخلط مفاهيمالدين بدمها وعروقها، وتتمكّن منهاالعقيدة درجةً يحفظها من التذبذب،والتشرذم والتراجع إلى الوراء.وهذا ممّا لم يتيسّر للمسلمين الذينتولّى النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآلهوسلّم تربيتهم وصياغتهم، فإنّ الأحداثالتي وقعت، أثبتت; أنّ الإسلام لم يتعمّقفي نفوس أكثرية المسلمين