ومثّل به فجدع أنفه واُذنه، فحزن حزناًشديداً وقال: «ولئن أظهرني اللّهُ علىقُريش في موطن من المواطن لأُمثّلنّبثلاثين رجُلاً منهُم».
فأنزل اللّه سبحانه: (وَإنْ عَاقَبْتُمْفَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْبِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌلِلَّصَابِريْنَ *وَاصْبِرْ وَمَاصَبْرُكَ إلاّ باللّهِ وَلاَ تَحْزَنْعَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْق مِمَّايَمْكُرُونَ) (النحل: 126 ـ 127).
فعفا رسول اللّه صلّى الله عليه وآلهوسلّم (1).
4 ـ الحصار الاقتصاديّ ضدّ المعتدين فقط
لاشكّ أنّ للحكومة الإسلاميّة أن تتوسّلبالحصار الاقتصاديّ، كوسيلة من وسائلالحرب والدفاع ولكن هذا الأمر تابع لهدفعسكريّ فقط بمعنى أنّه يجوز فقط لأجلتحديد الفعاليّات العسكريّة للعدو فياطار الأهداف الاستراتيجيةّ.
إنّ الإسلام يقوم بهذا الأمر ضدّالمعتدين والمهاجمين فحسب، ولا يسّوغاستخدامه ضدّ الأبرياء من الناس.
وهذا هو سيرة النبيّ الأكرم صلّى اللهعليه وآله وسلّم، وإليك نموذجاً من ذلك:
خرجت خيل رسول اللّه صلّى الله عليه وآلهوسلّم فأسّروا ثمامة بن أثال الحنفيّ،فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وآلهوسلّم: «أحسنُوا اُسارهُ» فمكث مدة ثمّاطلقوا سراحه فأسلم، ثمّ خرج إلى مكّةمعتمراً فأخذته قريش وأرادوا قتله، فقالقائل منهم: دعوه فإنّكم تحتاجون إلىاليمامة [وكان من ملوكها] لطعامكم،فخلّوه، ثمّ خرج إلى اليمامة، فمنعهم أنيحملوا إلى مكّة شيئاً فكتبوا إلى رسولاللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنّكتأمر بصلة الرحم، وإنّك قد قطعت أرحامهافقد قتلت الآباء بالسيف، والأبناء بالجوع.فكتب رسول اللّه صلّى الله عليه وآلهوسلّم إليه، أن يخلّي بينهم وبين الحمل(2).
وهكذا منع الرسول من استخدام الحصارالاقتصاديّ ضدّ الأبرياء من الناس،
1- سيرة ابن هشام 2: 96و 639.
2- سيرة ابن هشام 2: 96و 639.