ومقتضاه.وبهذا تتمّيز سيادة الجماعة البشريّة حسبمنطلقها القرآنيّ والإسلاميّ عن الأنظمةالديمقراطيّة الغربيّة.فإنّ الجماعة البشريّةـ حسب هذه الأنظمةـ هي بنفسها صاحبة السيادة، لا أنّها تنوبعن اللّه في ممارستها للسيادة، ويترتّبعلى ذلك أنّها ليست مسؤولةً بين يدي أحد،وغير ملزمة بمقياس موضوعيّ في الحكم، بليكفي أن يتفّق الشعب على أمر ليصبحقانوناً يؤخذ به حتّى إذا كان ذلك الأمرمخالفاً لكرامته، أو مخالفاً لمصلحة جزءمن الجماعة.وهذا بخلاف حكم الجماعة باعتبارالاستخلاف، فإنّه حكم مسؤول، والجماعةبمقتضاه ملزمة بتطبيق الحقّ والعدل، ورفضالظلم، ومقاومة الطغيان وتكون مسؤولةأمام اللّه فيما تفعل، وعلى ذلك فالحكومةالإسلاميّة هو «حكومة الاُمّة علىالاُمّة خلافةً عن اللّه» بمعنى: إجراءسننه وقوانينه ومراعاة ضوابطه وحدوده، فيالحكم والحاكميّة(1).
2ـ استخلاف داود يستبطن حاكميّته
والذي يدلّ على أنّ الحكم والحاكميّة منآثار الاستخلاف الإلهيّ للإنسان: أنّاللّه سبحانه لمّا جعل داود خليفته فيالارض، رتّب على هذا الاستخلاف أمره بأنيحكم ويقود الناس بالعدل والحقّ فقال: (يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةًفِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِبِالْحَقِّ)(ص: 26).ومن المعلوم أنّ (الخليفة) هنا وهناك فيقصّة آدم (عليه السلام) واحدة معنىًومراداً، غير أنّها هناك ذات معنىً أعمّ،وهنا ذات معنىً أخصّ.وقد نقل شيخ الطائفة (الطوسيّ) رحمه اللّهفي تفسير التبيان عن ابن مسعود أنّه1- لاحظ رسالةً (لمحة فقهيّة تمهيديّة)للمفكّر الإسلاميّ الشهيد السيد محمّدباقر الصّدر.