ويهجّرونهم عن أوطانهم ومساكنهمومزارعهم إلى أراض لا عشب فيها ولا ماء ولاعيش فيها ولا حياة، طمعاً في أراضيهم،واستئثاراً لممتلكاتهم ومزارعهم. ويعبّرالإمام عليّ ـعليه السلام ـ عن تلك العهودوالأيام بالليالي السود إذ يقول:«واعتبروا بحال ولد إسماعيل وبني إسحاقوبني إسرائيل عليهم السّلام فما أشدّاعتدال الأحوال وأقرب اشتباه الأمثال!تأمّلوا أمرهم في حال تشتُّتهم وتفرُّقهمليالي كانت الأكاسرة والقياصرة أرباباًلهم يحتازونهم(أي يمنعونهم ويدفعونهمويهجرونهم) عن ريف الآفاق وبحر العراقوخضرة الدُّنيا، إلى منابت الشّيح ومهافيالرّيح ونكد المعاش فتركوهم عالةًمساكين، أذلّ الامم داراً وأجدبهمقراراً.. فالأحوال مضطربة والكثرة متفرّقةفي بلاء أزل، وأطباق جهل!!!»(1).إنّ الحكم الملكيّ حكم استبداديّ، وإنّمفاسد الحكم الاستبداديّ أوضح وأكثر من أنتبيّن.غير أنّنا للوقوف على ما يذكره القرآنالكريم من مفاسد تترتب على الحكمالاستبداديّ لا بدّ من ملاحظة ماورد فيهذا الصدد من آيات.إنّ القرآن الكريم يأتي بفرعون نموذجاًحيّاً وكاملاً للحاكم المستبدّ، والحكومةالاستبداديّة، ثم يستعرض ما كان يفكّرفرعون به، ويقوم به انطلاقاً من هذهالخصّيصة، وبمقتضى هذه الصفة، وبذلكيوقفنا القرآن على مفاسد الحكم الفرديّالاستبداديّ:
1ـ مفاسد الحكم الاستبداديّ
فالقرآن الكريم يصف(فرعون) بأنّه كانمستكبراً عالياً مسرفاً متجاوزاً الحدّ،فهو يرى نفسه فوق الآخرين، وإرادته فوقإرادتهم إذ يقول: (ثُمّ بَعَثْنَا مِنْبعْدِهِمْ1- نهج البلاغة: الخطبة رقم (187).