للسلطة، ومصدراً لكلّ القرارات، ومنشأًللقوانين. ولا يكون وحده كذلك بل يكونأبناؤه وأحفاده حكّاماً وملوكاًبالتوارث، فإذن، هو نظام فرديّ وراثيّاستبداديّ.
وقد كان هذا النمط من النظام ـ ولا يزال ـملازماً للاستعلاء والاستكبار ومنشأًللإرهاب والكبت، وهو ـ لا شكّ ـ أمر مرفوضفي منطق القرآن الكريم إذ يقول:
(تِلْكَ الدّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهالِلّذينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُواً فِىاْلأرْضِ وَلاَ فَسادَاً وَالْعَاقِبَةُلِلْمُتّقِينَ)(القصص: 83).
إنّ القرآن الكريم يعتبر طبيعة الملوكيّةبحكم كونها ناشئةً من الفرد; طبيعيةًميّالةً إلى الفساد والتفرعن، وحملالإرادة الفرديّة على الشعوب بالقهروالإرغام وإذلال أبنائها وأعزّتها، إلىغير ذلك من المنكرات والمفاسد والتبعاتالتي عانت منها البشريّة، طوال قرون، إذيقول: (قَالَتْ إِنّ الملُوكَ إِذَادَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسدُوهَاوَجَعَلُوا أَعِزّةَ أَهْلِها أَذِلّةًوَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)(النمل: 34).
هذه الكلمة التي نقلها اللّهسبحانه فيهذه الآية عن بلقيس ملكة سبأ، تمثّل إحدىسنن التاريخ الحاكمة في الحياة البشريّة،ولولا أنّها كذلك; لردّ عليها اللّهسبحانه ولم يمر عليها بسلام كما هو شأنه فيهذه الحالات.
يقول السيد قطب ـ في ظلاله ـ حول تفسير هذهالآية: (... فهي تعرف أنّ من طبيعة الملوكأنّهم إذا دخلوا قرية أشاعوا فيها الفسادوأباحوا ذمارها، وانتهكوا حرماتها،وحطّموا القوّة المدافعة عنها، وعلىرأسها رؤساؤها، وجعلوهم أذلّةً لأنّهمعنصر المقاومة، وأنّ هذا هو دأبهم الذييفعلون)(1).
إنّ القرآن عندما يتعرّض لأحوال الملوكالذين حكموا الأرض; يذكر جشعهم
1- في ظلال القرآن 19: 146.