واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير له منبني غفار يقال له: جهجاه بن مسعود يقودفرسه، فازدحم جهجاه وسنان بن وبر الجهنيّحليف بني عوف بن الخزرج على الماء فاقتتلافصرخ الجهنيّ: يا معشر الأنصار، وصرخجهجاه: يا معشر المهاجرين(1)، فغضب عبداللّه بن أبي بن سلول وعنده رهط من قومهفيهم زيد بن أرقم، غلام حدث، فقال: أو قدفعلوها،قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا،واللّه ما أعدنا وجلابيب قريش [أي من أسلممن المهاجرين] إلاّ كما قال الأوّل: سمّنكلبك يأكلك، أما واللّه لئن رجعنا إلىالمدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ،ثمأقبل على من حضره من قومه، فقال لهم: هذا مافعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم،وقاسمتموهم أموالكم، أما واللّه لوأمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحوّلوا إلى غيرداركم، فسمع ذلك زيد بن أرقم فمشى به إلىرسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّموذلكعند فراغ رسول اللّه صلّى الله عليه وآلهوسلّم من عدوّه، فأخبره الخبر، وعنده عمربن الخطاب فقال: مر به عباد بن بشرفليقتله، فقال له رسول اللّهصلّى اللهعليه وآله وسلّم: فكيف يا عمر إذا تحدّثالناس أنّ محمّداً يقتل أصحابه؟ لا، ولكنأذّن بالرحيل، وذلك في ساعة لم يكن رسولاللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم يرتحلفيها.. فارتحل الناس (2).
كما أنّ هناك حادثةً اخرى تدلّ على أنّمادة الاختلاف كانت كامنةً في أعماقهم،وكانت مستعدةً للإنفجار في كلّ لحظة،وبأقل تحريك، وإيقاد للعصبيات والرواسبالقبليّة الجاهليّة.
فها هو ابن هشام ينقل: أنّ شأس بن قيس وكانشيخاً من اليهود قد أسنّ، عظيم الكفر،شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم،مرّ ذات يوم على نفر من أصحاب رسول اللّهصلّى الله عليه وآله وسلّم من الأوسوالخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدّثون فيه;فغاضه ما رأى من ألفتهم وجماعتهم وصلاحذات بينهم على الإسلام، بعد الذي كانبينهم من
1- السيرة النبويّة لابن هشام 1: 555 ـ 557. 2- فيه تأمل; فإنّ سعداً توفّي قبل غزو بنيالمصطلق.