وتوفّاه اللّه إذا قبض(1). و على ذلك فليسللتوفّي إلاّ معنى الأخذ و له مصاديقمختلفة، فالإماتة من مصاديقه كما أنّالنوم بما أنّه نوع أخذ للإنسان مصداق آخرله قال سبحانه: (وَ هُوَ الَّذِىيَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُمَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ) (الأنعام/60)وعلى ضوء ذلك فمعنى(إِنِّيمُتَوَفِّيكَوَرَافِعُكَ): قابضك من الأرض حيّاً إلىجواري ورافعك من بين أعدائك، فالآياتمتضافرة المضمون على أنّه رفع من الأرضحيّاً إليه سبحانه.
و رفعه من الأرض حيّاً يلازم رفعه إلىالسماء، و بذلك تقف على تفسير قوله سبحانهحيث يحكي عن المسيح قوله: (مَا قُلْتُلَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِى بِهِ أَنِاعْبُدُواللّهَ رَبِّى وَ رَبَّكُمْ وَكُنْتَ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُفِيهِم فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنْتَأَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَعَلَى كُلِّ شَيْء شَهِيدٌ) (آلعمران/155).
إنّ الوقوف على إسراء النبي من المسجدالحرام إلى المسجد الأقصى و عروجه منه إلىسدرة المنتهى من معاجزه و كراماته التيأثبتهما القرآن الكريم في سورتي الإسراء والنجم، و تفصيل ما ظهر له فيهما من الآياتيتوقّف على نقل شأنهما في الذكر الحكيم.أمّا الإسراء فقال فيه:
(سُبْحَانَ الَّذِى أَسَرَى بِعَبْدِهِلَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إَلَىالمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذَىبَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْآيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُالبَصِيرُ) (الإسراء/1).
1 ـ إبتدأ سبحانه كلامه بالتسبيح و قال:(سُبْحَانَ) (2) و هي كلمة تنزيه للّه عزّ
1. لسان العرب: ج15 ص400 مادّة «وفى». 2. سبحان علم للتسبيح كعثمان للرجل، وانتصابه بفعل مضمر لايظهر تقديره يسبّحاللّه سبحان، ثمّ نزل سبحان منزلة الفعل وسدّ مسدّه و دلّ على التنزيه البليغ منجميع القبائح التي يضيفها إليه أعداؤه.