مفاهیم القرآن

جعفر سبحانی تبریزی

جلد 7 -صفحه : 569/ 280
نمايش فراداده

يقتضي المساواة في جميع الوجوه، تركالعمل بهذا العموم في حق النبوّة و في حقالفضل لقيام الدلائل على أنّ محمداً عليهالصلاة و السلام كان نبيّاً و ما كان عليكذلك و لإنعقاد الإجماع على أنّ محمداً(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان أفضل منعلي(رض) فبقى فيما وراءه معمولاً به ثمّالإجماع دلّ على أنّ محمداً (صلّى اللهعليه وآله وسلّم) كان أفضل من سائرالأنبياء (عليهم السلام) فيلزم أن يكون عليأفضل من سائر الأنبياء(1).

29 ـ الخلفيّة التشريعيّة لحرمة الأشهرالحرم:

ربّما نقرأ في بعض الصحف و الكتب أنّ عربالجاهلية هم الذين حرّموا الحرب في الأشهرالحرم و أضفوا عليها مسحة قدسية خاصة، وذلك لأنّهم كانوا متوغّلين في الحروب والغارات و كان تمادي الظاهرة القبليّةالشاذّة موجباً لفكّ عرى الحياة، و لأجلذلك إستثنوا هذه الأشهر لتقويم أودهم وضمان أمن طرق التجارة وتيسير أمر زيارةالكعبة.

و لكنّها فكرة خاطئة تخالف ما نستلهمه منالقرآن الكريم، فإنّ الظاهر منه أنّ حرمةالأشهر لها جذور دينية و أنّها جزء من صميمالدين القيّم الذي جاء به إبراهيم (عليهالسلام) إلى اُمّته، قال سبحانه: (إِنَّعِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنَاعَشَرَ شَهْراً فِى كِتَابِ اللّهِيَوْمَ خَلَقَ السَّموَاتِ وَ الأَرْضَمِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَالدِّينُ القَيِّمُ فَلاَتَظْلِمُوافِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ...) (التوبة/36).

فإنّ قوله: (ذلك الدين القيّم) ربّما يشيرإلى أنّ إتّصاف الأربعة بالحرم جزء منالدين القيّم و تشريعاته.

و على ذلك الأساس فالنبيّ الأكرم أولى بأنيحافظ على حرمتها و يراعي قدسيّتها، وبذلك يسهل لك القضاء في الحادثة الدمويةالتي وقعت في مستهلّ

1. تفسير الرّازي ج8 ص81(طبع بيروت).