إنّما أرى المشركين المؤمنين قليلين،حتّى لا يورث ذلك رُعبا ووحشة في قلوبهم،وقد مرّ في الإعانة الاُولى أنّه سبحانهفعل ذلك دفعاً للفشل والتّنازع.
و إنّما أرى المؤمنين للمشركين قليلينلئلاًّ يتأهّبوا ويستشرسوا في القتال،ويتخيّلوا أنّهم لا يحتاجون في دفع عدوّهمإلى بذل جهد كبير.
قال سبحانه مشيراً إلى ذلك بقوله: (وَإذْيُرِيكُمُوهُمْ إذِ اْلتَقَيْتُم فِىأَعيُنِكُم قَلِيلاً وَيُقَلِلُّكُمْفِى أعْيُنِهِم، لِيَقْضِىَ اْللّهُأمْرَاً كَانَ مَفْعُولاً وَإلَى اْللّهِتُرْجَعُ الأُمُوُر) (الأنفال/44) و حاصلالآية أنّه سبحانه قلّل الفريقين في عينالآخر، ولولا ذلك لانتهى الأمر إلى فشلالمسلمين أو إلى فرار العدوّ من المعركة،بحفظ أنفسهم. وقد تعلّقت مشيئته بإبادتهم.
و هناك إعانة غيبيّة ثالثة وهي أنّهسبحانه أرى المؤمنين للمشركين في أثناءالقتال كثيرين، على خلاف ما أراهم إيّاهعند إبتداء القتال.
إنّ المصلحة قد اقتضت أن يُري سبحانهالمؤمنين للعدو كثيرين على خلاف ما أراهمعند أوّل الحرب و ذلك حتّى يتخيّل العدوأنّه وصل إلى المسلمين مددٌ كانوا بعيدينعن المعركة حتّى تتزعزع بذلك معنويّاتهم ويتقهقروا عن ميدان المعركة بعد ما فتك بهمالمسلمون بقتل كثيرين منهم و أسر آخرين.
قال سبحانه: (قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌفِى فِئَتَيْنِ اْلتَقَتَا فِئَةٌتُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىكَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمرَأْىَ العَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُبِنَصْرِهِ مَنْ يَشَآءُ إِنَّ فِىذَلِكَ لَعِبْرَةً لاُِّولِىاْلأبْصَارِ) (آل عمران/13).
اُنظر إلى قوله سبحانه: (يرونهم مثليهمرأى العين) فإنّ هذه الجملة ناظرة إلىأثناء الحرب، وماورد في الإعانة الغيبيّةالثانية ناظر إلى أوّل الحرب.