فعندئذ قال رجل من «أسلم»: أنا يا رسولاللّه. فسلك بهم طريقاً وعراً كثيرالحجارة بين شعاب، فلمّا خرجوا منه، و قدشقّ ذلك على المسلمين، و أفضوا إلى أرضسهلة عند منقطع الوادي. أمر رسول اللّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال: اسلكواذات اليمين في طريق، و قد أدّى بهم ذلكالطريق إلى مهبط الحديبيّة. فلما رأت خيلقريش غبار جيش الإسلام، قد خالفوا عنطريقهم، رجعوا راكضين إلى قريش. و خرج رسولاللّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و سلكحتّى بركت ناقته، فقالت الناس: خلأتالناقة. قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم):ما خلأت و ما هو لها بخلق، و لكن حبسها حابسالفيل عن مكّة، لا تدعوني قريش اليوم إلىخطة يسألوني فيها صلة الرحم إلاّ أعطيتهمإيّاها، ثمّ أمر الناس بالإنزال. قيل: يارسول اللّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مابالوادي ماء ننزل عليه. فأخرج سهماً منكنانته، فأعطاه رجلاً من أصحابه، فنزل بهفي قليب من تلك القلب، فغرزه في جوفه حتّىارتفع بالرواء.
نزل رسول اللّه أرض الحديبيّة، و بينما هوفيها إذ أتاه «بديل بن ورقاء الخزاعي» فيرجال من خزاعة، فكلّموا النبي و سألوه.فقال: إنّه لم يأت يريد حرباً، و إنّما جاءزائراً للبيت، و معظّماً لحرمته، ثمّ قاللهم نحواً ممّا قال لبشر بن سفيان، فرجعواإلى قريش فقالوا: يا معشر قريش، إنّكمتعجلون على محمد، انّ محمداً لم يأتلقتال، و إنّما جاء زائراً لهذا البيت،فاتهموهم و أهانوهم. و قالوا: وإن كان جاء ولايريد قتالاً، فو اللّه لايدخلها عليناعنوة أبداً، و لاتحدّث بذلك عنّا العرب.
ثمّ بعثت قريش إلى رسول اللّه (صلّى اللهعليه وآله وسلّم) مكرز بن حفص، فلمّا رآهرسول اللّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم)قال: هذا رجل غادر، فلمّا انتهى إلى