و كان رجل من هوازن على جمل أحمر بيده رايةسوداء فيها رأس رمح له طويل أمام الناس إذاأدرك طعن، قد أكثر في المسلمين القتل،فشدّ عليه عليّ و أبو دجانة فقطع عليّ يدهاليمنى، و أبو دجانة يده الاُخرى، و أقبلايضربانه بسيفيهما فسقط صريعاً.
و زاد الهول مصيبة شماتة أبي سفيان و غيرهبالمسلمين، فقد تكلّم رجال منهم بما فيأنفسهم من الضغائن، فقال أبو سفيان بن حرب:لاتنتهي هزيمتهم دون البحر، و انّ الأزلاملمعه في كنانته.
و صرخ في تلك الاثناء جبلة بن حنبل: ألابطل السحر اليوم.
أمر رسول اللّه (صلّى الله عليه وآلهوسلّم) في تلك الآونة عمَّه العباس أن يصرخو يقول: يا معشر الانصار يا معشر أصحابالسمرة(1) فصار ذلك سبباً لرجوع الفارين منأصحاب الرسول إليه و القتال بين يديه،فاجتمع جمع غفير حوله، حاموا رسول اللّه وقاتلوا العدو بضراوة، فنظر رسول اللّه إلىساحة المعركة، و أصحابه يقاتلون، فقال:الآن حمى الوطيس، و صارت الحرب طاحنة حتىرأى العدو جمعاً غفيراً من الأسرى مكتّفينعند رسول اللّه، فعند ذلك انقلبت كفّةالنصر لصالح المسلمين.
و من لطيف ما قيل في تلك الفترة ما انشدتهامرأة مسلمة بقولها:
ثمّ إنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) طلبمن العباس، ليناوله حفنة من الحصى، فألقىبها في وجوه العدو قائلاً: شاهت الوجوه، وقد استنهض بذلك
1. السمرة: شجرة الرضوان.