ثم دعا بعد ذلك كل من عنده كتاب أو لوح كتب فيه حديثاً أن يأتيه به ، فظنّوا أنه يريد أن يوحّدها ، فلمّا اجتمعت عنده أحرقها بالنار (1)!!
ثمّ حَبَسَ جماعة من كبار الصحابة في المدينة حتى مات ؛ لاَنهم لم يلتزموا أمره في كتم الاَحاديث كابن مسعود ، وأبي الدرداء (2)، وعبدالله ابن حذافة ، وعقبة بن عامر ، وأبي هريرة (3).
ولم يكتف عمر بكلِّ هذا بل حاول الدفاع عن فعله باتهام جميع الصحابة بالكذب في رواية الاَحاديث حتى قام خطيباً فيهم يسمعهم أقذع الكلام فقال مخاطباً لهم : «إنّ حديثكم هو شرّ الحديث ، وإنّ كلامكم هو شرّ الكلام ، من قام منكم فليقم بكتاب الله ، وإلاّ فليجلس» (4).
ومن عجائب عمر إنّه لم يمنع من الحديث فحسب ، بل منع فقهاء الصحابة من الاِفتاء وحاول أن يجعل الفتوى من حق السلطة فقط . فعن ابن سيرين أنّ عمر قال لاَبي موسى : «أما إنّه بلغني أنّك تفتي الناس ولست بأمير ؟
قال : بلى .
قال : فولِّ حارها من تولى قارها» (5).
وكلّ الذي تقدم متّفق عليه عند (العامّة) لكنهم دافعوا عنه بدعوى
(1) تقييد العلم ، للخطيب البغدادي : 53 .
(2) مستدرك الحاكم 1 : 110 وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
(3) كنز العمال 10 : 291 | 29472 و 29479 .
(4) تاريخ المدينة 3 : 16 .
(5) كنز العمال 10 : 298 | 29505 .