وأعجب من هذا أنهم رووا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بطرق عدّة تحذيره من
الاكتفاء بالقرآن عن السُنّة ، وتنديده باليهود والنصارى لاَنّهم يقرؤون
التوراة والانجيل فلا ينتفعون مما فيهما بشيء ؛ لاَنّهم لم يتعلقوا بحرفٍ
مما جاءتهم به أنبياؤهم (1).
موقف عمر من السُنّة المطهّرة :
وجاء عمر ، فأكّد المنع من الحديث وشدّد على الصحابة الذين
يخرجون من المدينة إلى الاَمصار ، يقول لهم : «إنكم تأتون أهل قرية لهم
دويّ بالقرآن كدويّ النحل ، فلا تصدّوهم بالاَحاديث فتشغلوهم ، جرّدوا
القرآن وأقلّوا الرواية عن رسول الله وأنا شريككم» (2).
حتى أن كعب بن قرضة كان يسأله أهل الكوفة عن أحاديث
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فلا يجيبهم ويقول لهم : نهانا عمر بن الخطاب (3).
ثم استشار الصحابة في كتابة حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجمعه ،
فأجمعوا على ذلك ، لكنّه جاء بعد ذلك فأمر كلّ من كتب شيئاً أن
يمحه(4) !
(1) تمام الحديث في سنن الترمذي 4 : 104 . ومسند أحمد 4 : 160 و 218 ، 5 : 266 ، 6 : 26
والخبر مشهور رواه من الصحابة : أبو الدرداء ، وزياد بن لبيد الاَنصاري ، وعوف بن مالك ،
وأبو اُمامة الباهلي .
(2) تذكرة الحفّاظ 1 : 7 . ولاحظ طرق الحديث وألفاظه في سنن ابن ماجة 1 : 12 . وسنن
الدارمي 1 : 85 . ومستدرك الحاكم 1 : 102 .
(3) مستدرك الحاكم 1 : 102 . وكنز العمال 9 : 447 .
(4) تقييد العلم ، للخطيب البغدادي : 53 .