لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم» (1).
ومع هذا فقد زينت لهم أنفسهم صنيع عمر ، فدافعوا عنه وتابعوه على
كلمته ، رغم كلّ ما فيها ، ثمّ قالوا إنّهم هم أهل السُنّة !!
إنّ كلمة عمر هذه هي اللبنة الاُولى ، بل الاَساس الذي قامت عليه
مذاهبهم.. فإذا كانوا من هنا قد ابتدأوا فإلى أين سينتهون ؟
حديث الاَريكة :
تسنّم أبو بكر الخلافة ، فابتدأ بالمنع من التحدّث بأحاديث رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن الرجوع إلى السُنّة النبوية في أية قضية من القضايا ، فقال
مانصّه: «إنكم تحدّثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث تختلفون فيها ،
والناس بعدكم أشدّ اختلافاً ، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً ، فمن سألكم
فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه»(2).
فجعل اختلاف بعضهم ذريعةً إلى المنع من الحديث خشية الرجوع
إلى السُنّة ، وعاد إلى مقولة عمر الاُولى «حسبنا كتاب الله» !
وهذا بعينه ما تنبّأ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحذّر منه ، إذ قال صلى الله عليه وآله وسلم : يوشك
الرَّجل متّكئاً على أريكته يُحَدَّث بحديث من حديثي ، فيقول : بيننا وبينكم
كتاب الله عز وجلّ ، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من
(1) صحيح البخاري 5 : 137 و 7 : 9 . وصحيح مسلم 5 : 76 . ومسند أحمد 1 : 323 و 324 و
336.
(2) تذكرة الحفاظ ، للذهبي 1 : 2 ـ 3 في ترجمة أبي بكر .